نورالدين مصلوحي (*)
ظلت ولازالت هيكلة واختصاصات وزارة العدل
المغربية منظمة إلى الآن بموجب المرسوم رقم 2.10.310 الصادر في جمادى الأولى 1432،
الموافق ل 11 أبريل 2011، بالإضافة إلى مجموعة من المراسيم الأخرى، إلى أن تم إخراج
مشروع المرسوم الجديد في صيغته النهائية والذي أحدث مجموعة من التغييرات على
اختصاصات وهيكلة هذه الوزارة، انسجاما مع مجموعة من المبادئ الدستورية، وكذا مع
مستجدات قوانين السلطة القضائية، ولسوف نتعرض في هذا المقال المتواضع لأهم هذه
التغييرات مبينين دواعي التنصيص عليها، مع مقارنتها بالمراسيم الجاري بها العمل
إلى وقتنا هذا.
أولا: التغييرات المنسجمة مع مبدأي الفصل بين
السلط واستقلال السلطة القضائية:
1-لم يشر مشروع المرسوم
المنظم لوزارة العدل والمحدد لاختصاصاتها إلى إشراف وزارة العدل على النيابة
العامة، وذلك راجع إلى أن استقلال السلطة القضائية تم التنصيص عليه في الفصل 107
من دستور فاتح يوليوز 2011، ووزير العدل كان بمقتضى دستور 1996 نائبا لرئيس المجلس
الأعلى للقضاء والذي هو الملك، كما أن الفصل 56 من النظام الأساسي لرجال القضاء
لسنة 1974 نص صراحة على ما يلي: "يوضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة وزير
العدل ومراقبة وتسيير رؤسائهم الأعليين، ويتم نقلهم بظهير باقتراح من وزير العدل
بعد استشارة المجلس الأعلى للقضاء.
وانسجاما مع دستور 2011
القاضي باستقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، وكذا
القانون 33.17 الذي بمقتضاه تم نقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى
الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، فقد نزع اختصاص
إشراف وزارة العدل على النيابة العامة.
2-ومن الملاحظ أن مشروع
المرسوم المتحدث عنه لم يبق لوزارة العدل سوى صلاحية وضع التوجهات والمضامين العامة
للسياسة الجنائية، دون صلاحية تنفيذ السياسة الجنائية التي أصبحت بموجب قانون
33.17 ومسودة قانون المسطرة الجنائية من مهام الوكيل العام للملك بصفته رئيسا للنيابة
العامة.
ويجب التنبيه أن الفصل
بين السلط لا يجب أن يُفهم بمعزل عن مبدأ دستوري آخر ألا وهو التعاون والتوازن بين
السلط، وقد كرس مشروع المرسوم المنظم لوزارة العدل والمحدد لاختصاصاتها هذا
المبدأ، فبمقتضى المادة الأولى من مشروع المرسوم، تضطلع وزارة العدل بصلاحيات
منها: الإشراف على التدبير المالي والإداري للمحاكم، إعداد تقارير النجاعة بتنسيق
بين المحاكم، اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتنفيذ مقررات المجلس الأعلى للسلطة
القضائية المتعلقة بالوضعيات الإدارية والمالية للقضاة، تكوين المسؤولين القضائيين
في مجال الإدارة القضائية، وضع تقارير حول مستوى أداء المسؤولين القضائيين بشأن
الإشراف على التدبير والتسيير الإداري للمحاكم، بما لا يتنافى واستقلال السلطة
القضائية.
ومظاهر التعاون
والتوازن بين السلطتين التنفيذية والقضائية المشار إليها أعلاه، تجد سندا لها في
دستور 2011 وبالضبط الفصل الأول منه الذي جاء فيه: " يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل
السلط، وتوازنها وتعاونها..." وكذا القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة
القضائية ولاسيما المواد التالية منه: 54-55-72-110.
3-وقد دقق جيدا مشروع المرسوم في المسائل التي
يتناولها التفتيش الذي يمارس من طرف المفتشية العامة تحت السلطة المباشرة
لوزيرالعدل، حيث أصبح واضحا جدا أن التفتيش الذي تمارسه هذه
المفتشية لا يتناول إلا ما له علاقة بالتدبير المالي والإداري للمحاكم، وكذا
المراقبة المهنية لكتابة الضبط
والمصالح اللاممركزة. أما تفتيش القضاة فإن القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة
القضائية ينص أن هذا التفتيش من صلاحيات المفتشية العامة للشؤون القضائية التي تعد
من أجهزة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ويشرف عليها مفتش عام يعين بظهير،
باقتراح من الرئيس المنتدب للمجلس، بعد استشارة أعضاء المجلس، وبالتالي فتفتيش
القضاة لا يمكن أن يمارس إلا من طرف قضاة، عملا بالفصل 116 من الدستور الذي جاء في
الفقرة الثالثة منه "يساعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المادة
التأديبية قضاة مفتشون من ذوي الخبرة".
ثانيا: مستجدات همت مديريات وزارة العدل:
أصبحت مديرية الشؤون
الجنائية والعفو تحمل اسم مديرية الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة، وتم
ضم مديرية الدراسات إلى مديرية التشريع فأصبحنا نتحدث عن مديرية الدراسات
والتشريع، أما التعاون الدولي فأصبحت له مديرية مستقلة تحت اسم: مديرية التعاون
الدولي، أما التحديث والرقمنة فمن مهام مديرية أصبح اسمها: مديرية التحديث
والنظم المعلوماتية، وحلت مديرية الميزانية والموارد المالية محل
مديرية الميزانية والمراقبة، وبالتالي ارتفع عدد المديريات داخل وزارة العدل من 7 إلى 8، فأصبحت كالتالي:
-مديرية الشؤون المدنية؛
-مديرية الشؤون الجنائية و العفو ورصد الجريمة؛
-مديرية الدراسات والتشريع؛
-مديرية التعاون الدولي؛
-مديرية التحديث والنظم المعلوماتية؛
-مديرية الموارد البشرية؛
-مديرية الميزانية والموارد المالية؛
- مديرية التجهيز وتدبير الممتلكات.
ثالثا: إحداث قسم للتواصل والعلاقات العامة:
نصت المادة 14 من مشروع المرسوم المنظم لوزارة
العدل والمحدد لاختصاصاتها على إحداث قسم للتواصل والعلاقات العامة، وقد أنيطت
بهذا القسم مهام مهمة جدا، منها:
ü
تدبير التواصل الإعلامي
للوزارة، وهذا من حسنات مشروع المرسوم إذ أن من المعايير التي تخضع لها المرافق
العمومية حسب الفصل 154 من الدستور، معيار الشفافية، وانفتاح الوزارة على الإعلام
الذي يعد واسطة بين المسؤول السياسي وبين المواطن من شأنه أن يعزز مبدأ شفافية عمل
وزارة العدل ويزيد من ثقة المواطنين في سياستها.
ü
تدبير علاقات التعاون والشراكة
مع المجتمع المدني، فالمشاركة حسب تصدير دستور 2011 تعد من
مرتكزات الدولة الحديثة، كما أن التنظيم الدستوري للمملكة يقوم على عدة أسس منها الديموقراطية
المواطنة والتشاركية حسب الفصل الأول من الدستور، فالمجتمع المدني يعد فاعلا
أساسيا في الدولة الحديثة، ولذلك أولاه المشرع الدستوري بعناية تليق به، ونص
الدستور على أن الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، تساهم
في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات
العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها، وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه
المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون.
وتعزيزا لمبدأ الحق في المعلومة المنصوص عليه في
الفصل 27 من الدستور، أناط مشروع المرسوم المنظم لوزارة العدل والمحدد لاختصاصاتها
لقسم التواصل والعلاقات العامة السهر على إنجاز مختلف الدعامات التواصلية
التقليدية والسمعية البصرية والمتعددة الوسائط، وتقديم مقترحات تجويد الموقع
الإلكتروني للوزارة، كما نص مشروع المرسوم على إحداث مركز للنشر، وتناط به
مهمة نشر النصوص القانونية المحينة والإصدارات الخاصة بالوزارة وتوزيعها.
أما تنظيم وتحديد اختصاصات الأقسام والمصالح التابعة
للمديريات المركزية بوزارة العدل، فقد أشار مشروع المرسوم أن ذلك سيتم تحديده
بقرار لوزير العدل، مؤشر عليه من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالاقتصاد والمالية،
والسلطة الحكومية المكلفة بإصلاح الإدارة الوظيفة العمومية، وبنفس الآلية كذلك
تحدث مصالح لاممركزة لوزارة العدل.
(*) عدل متمرن وباحث بماستر القانون والممارسة
القضائية بالرباط.