(*) عبد الحق الحطاب.
مقدمة
من غير المعقول أن نتصور
سائر بلدان المعمور سواء كانت متقدمة أو في طور النمو وكيفما كان نوع نظامها
السياسي (جمهورية أو ملكية) في عصر الألفية الثالثة الحالية تعيش تحت أنقاض
العشوائية التي بدأت تحتل مكانة بارزة ضمن الظواهر السلبية الأخرى المرتبطة بها أو
الناجمة عنها، وكأنها لم تستفد شيئا من التجارب التاريخية التي مرت منها على مدى
سنوات القرون الماضية (حروب أهلية، ثورات، استعمار... إلخ).
ومع ذلك، لا بد من الإشادة
بالنموذج المغربي المحض الذي تميز عن غيره بخاصية الاستثنائية الفريدة، بحيث يمكن
اعتباره بدون مبالغة وبشهادة المنتظم الدولي الرابح الوحيد من جملة التحولات
العميقة والجذرية التي شهدها المحيط المحلي والإقليمي، بل وحتى العالمي، ومرد ذلك
بطبيعة الحال إلى الكيفية الحكيمة التي تعامل بها مع الشعارات المرفوعة من طرف
شرائح اجتماعية متنوعة المشارب وهيئات سياسية وحقوقية عريضة، إذ أنه في الوقت الذي
كانت فيه الدول المجاورة له جغرافيا تعرف مخاضا عسيرا، قرر المغرب من جهته
الاستمرار في تحقيق الانتقال الديموقراطية المنشود وفق منهجية مغايرة قائمة على
أسس الحوار والتشاور السلمي.
وفي ظل السياق المطبوع بما
يسمى ثورة الربيع العربي الديموقراطي التي يرجع الفضل في انتشارها إلى استعمال
الشباب المضطرد للتكنولوجيا الحديثة مثل الانترنت والمدونات[1]، بادر صاحب الجلالة الملك
محمد السادس نصره الله في خطوة تاريخية غير مسبوقة إلى إلقاء خطابه السامي الشهير
المؤرخ في 9 مارس 2011 الذي رسم فيه معالم المحاور الإصلاحية الأساسية العامة التي
تشكل في حد ذاتها مدخلا لإنجاح كافة الأوراش الوطنية المفتوحة التي أشرف على
انطلاقتها شخصيا منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين طيلة فترات العقدين الأخيرين.
ووعيا منه بأهمية الطموحات
المشروعة الرامية إلى بلوغ أعلى مستويات التقدم الحضاري والازدهار التنموي، كان من
اللازم حتما تسريع وتيرة الإصلاح ومراجعة المنظومة القانونية الجاري بها العمل،
حتى تنسجم مع المتطلبات المجتمعية الملحة والحيوية من خلال إدراج هذه الأخيرة على
الأقل في قالب تشريعي متوافق عليه، وهو ما
تأتى فعلا بواسطة الإقبال الكثيف ومنقطع النظير على التصويت على الوثيقة الدستورية
يوم فاتح يوليوز 2011.
على العموم، حمل النص
الدستوري في طياته عدة مستجدات قانونية لم تكن موجودة في النسخ السابقة، أهمها في
نظرنا توجهه الصريح نحو تكريس الحكامة التي توخى منها الربط بين عدة مقاربات في آن
واحد، مما يجعل مضمونه مختلفا ومتقدما.
وعليه، ارتأينا أن تكون قواعد
الحكامة الجيدة التي أدرجها المشرع المغربي لأول مرة في الدستور المغربي أرضية
خصبة مسخرة من أجل مواكبة الأوراش الإصلاحية الوطنية الكبرى محورا أساسيا في هذه
المساهمة البسيطة التي من خلالها سنتناول على التوالي الأسس والمقاربات التي يقوم
عليها طبقا للمنهج الآتي:
الفرع
الأول:
مساهمة
قواعد الحكامة في تحقيق النموذج
التنموي
المجتمعي المستديم
إن مفهوم التنمية الواسع
الذي يندرج في إطاره مجموعة من الأهداف ذات البعد الاستراتيجي الشامل والمندمج يجد
تطبيقاته في النموذج الدستوري المغربي في صيغ متكاملة فيما بينها. ويمكن تصنيفها
في نقطتين مستقلتين:
المبحث الأول: دور
الحكامة في تجسيد مقومات التنمية المجتمعية المستدامة على المستوى الداخلي
تحتل الحكامة موقعا بارزا وتكتسي
أولوية كبرى في مفهوم التنمية في تجلياتها الاجتماعية والمستديمة[2] في معظم أو إن صح التعبير
كل البرامج المسطرة من طرف أجهزة ومؤسسات الدولة، وتعد الملكية الضامن لإنجازها
وتنفيذها على أرض الواقع.
المطلب الأول: ملامح الحكامة في المخططات التنموية القطاعية
إذا كانت المخططات التنموية
والإستراتيجية الموضوعة تشكل حجر الزاوية في عمل السلطة التنفيذية بزعامة رئاسة الحكومة،
فإنها بالمقابل لا تتم دائما إلا تحت الإشراف الفعلي لصاحب الجلالة الملك محمد
السادس ومشمولة بفائق رعايته، بحيث يكون حريصا على تتبع مراحل تنزيل مضامينها
حرفيا وتقييم حصيلتها الجزئية أو النهائية، من أجل ليس فقط رؤية الوقع والانطباع
الايجابي الذي خلفته ومن ثمة ضرورة تطويرها، وإنما أيضا رصد مكامن النواقص والخلل
الذي يعتريها، وبالتالي الواجب الحتمي لاستدراكها على وجه الاستعجال.
وعلى غرار التقليد المعهود
منذ فترة الاستقلال، فقد عرف العقد المنصرم من القرن الواحد والعشرين بلورة مجموعة
من المشاريع التنموية المندمجة في شكل مخططات وبرامج قطاعية تحت الوصاية والرقابة
المباشرتين للوزارة المعنية أو المختصة من بينها ما يلي:
-
المخطط الاستعجالي
-
المخطط الأزرق
-
مخطط المغرب الأخضر
-
مخطط إقلاع
-
مخطط مغرب التصدير
-
مخطط المغرب الرقمي
-
مخطط آليوتيس
واستكمالا لنفس النهج، استمر
الدستور المغربي الجديد في تكريس المقاربة التنموية المجتمعية المستدامة في مواضع
كثيرة من مقتضياته، وأصبحت بدورها تتموقع في الصدارة إلى جانب المقاربات الأخرى
المعتمدة في منهجيته.
وبمجرد تصفح فحواه أوليا،
يتبين أن المقاربة التنموية المجتمعية والمستدامة التي يتوخى النص الدستوري
الحداثي تحقيقها تستند في جوهرها على عنصر وحيد لا يمكن الاستغناء عنه لأنه العصب
الحيوي وعماد الرقي، أي المتمثل في الرأسمال البشري، إذ نجد أن مجمل الأوراش
الهائلة المفتوحة في الوقت الراهن على الصعيد الوطني تحتاج إلى الموارد البشرية
المؤهلة باعتبارها طاقة فكرية مولدة ومنتجة للثروة.
المطلب الثاني: ملامح الحكامة في المبادرة الوطنية للتنمية
البشرية
الأكيد أن دسترة الحكامة كتصور
يهدف إلى بلورة النموذج التنموي المجتمعي المستديم ليس وليد الصدفة، بل جاء في
حقيقة الأمر نتاجا لثمرة المجهودات الجبارة المبذولة والتحركات النضالية النشيطة
والدؤوبة على مدى التاريخ قصد جعل الفرد في خدمة الوطن والإنسان في صلب أدوار
الجماعة.
لهذا السبب بالضبط، كانت
حكامة العامل البشري في الدستور المغربي الجديد محورا رئيسيا وحلقة مركزية تدور حوله
كل الاستراتيجيات المبرمجة من لدن السلطات العمومية في إطار ما يسمى الحكامة والتنمية
البشرية، عن طريق نشر مبادئ التضامن وإشاعة أسس التكافل والتماسك الاجتماعي بين أنواع
الطبقات المكونة للمجتمع من جهة أولى، وبين المناطق الجغرافية المتمدنة أو النائية
من جهة ثانية، وهذا ما يستشف منطقيا من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أعطى
انطلاقتها العاهل المغربي رسميا في خطابه الملقى بتاريخ 18 ماي 2005[3] .
وتقوم هذه المبادرة المشهود
لها بالنجاح والمصداقية بكل المقاييس على ثلاثة مرجعيات هي:
- التصدي للعجز الاجتماعي الحاصل في البنيات الطرقية والتجهيزات
الأساسية وتوسيع الاستفادة من المرافق والخدمات العمومية من صحة وتعليم ومحاربة الأمية
وتوفير الماء والكهرباء والسكن اللائق وبناء دور القرب للثقافة والشباب؛
- تشجيع الأنشطة المدرة للدخل القار والمتيحة لفرص الشغل؛
- الاعتناء بفئة الأشخاص في وضعية صعبة مثل ذوي الاحتياجات
الخاصة لتفادي الوقوع في براثن الانحراف أو الانطواء أو الفقر المدقع.
المطلب الثالث: ملامح الحكامة في الآليات المؤسساتية الدستورية المكلفة بالنهوض بالتنمية المجتمعية المستديمة
لمفهوم
التنمية المجتمعية المستدامة حضور بارز على مستوى الدستور المغربي الجديد بواسطة
العديد من المؤسسات التي تضطلع بمهام إنسانية بحثة، بحيث تم إحداثها خصوصا من أجل ترسيخ
أبعاد الحكامة وهي بصدد خدمة قضايا اجتماعية معينة وملفات تنموية حساسة. وقد نظمها
المشرع في باب فريد تحت عنوان الهيئات المكلفة بالنهوض بالتنمية البشرية
والمستدامة معظمها ذات اختصاصات استشارية، وهي:
الفقرة الأولى: الحكامة في
المجال التربوي
نص الدستور
في الفصل 168 إلى أنه: "يحدث
مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
المجلس هيئة استشارية،
مهمتها إبداء الآراء حول كل السياسات العمومية، والقضايا الوطنية التي تهم التعليم
والتكوين والبحث العلمي، وكذا حول أهداف المرافق العمومية المكلفة بهذه الميادين
وتسييرها. كما يساهم في تقييم السياسات والبرامج العمومية في هذا المجال".
وفعلا،
تم إخراج هذه الهيأة إلى حيز الوجود وتعويض المجلس الأعلى للتعليم المحدث بموجب
الفصل 32 من دستور 1996 الملغى الذي كان قائما.
وفي
اعتقادنا، فالتنصيص الدستوري على الارتقاء بمجال الشباب والنسيج الجمعوي ما هو سوى
اعتراف بموقع هذين المكونين بالغي الأهمية في تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة
ضمن المكونات الأخرى للمجتمع مثل التعاونيات التي تساهم من جانبها في ازدهار
الاقتصاد التضامني.
فالحركة
الجمعوية أو التعاونية لا تقدم فقط خدمات تربوية أو توعوية لعموم المواطنين والمواطنات،
بل تساعد أيضا في إنجاح مشروع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبارها شريكا
فيه والمستفيدة الأولى منه.
وكان
المغرب قد عرف تجارب سابقة في ظل حكم الملك المغفور له الحسن الثاني شبيهة بالمجلس
الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي مثل المجلس الوطني للشباب والمستقبل.
الفقرة الثانية: الحكامة في المجال الأسري
الجدير
بالذكر، أن دسترة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة جاءت تتويجا للمجهوذات الوطنية
المبذولة من طرف القوى النشيطة في ميدان الدفاع عن فئة النساء والطفولة، تحت إطار
مقاربة النوع الاجتماعي، من خلال النضال لمحاربة كل أشكال التمييز وظواهر التهميش
والإقصاء والعنف التي تطالها.
كما
تعد انتصارا وتجسيدا حقيقيا للمبادرات الايجابية الرامية إلى إعادة الاعتبار لهذه
القضية المشروعة والعادلة التي بدأت بإصدار مدونة الأسرة عام 2004 بصفة توفيقية
بين الفاعلين السياسيين والحقوقيين وبصفة تحكيمية بعد تدخل ملكي، ثم توالت
بالتوقيع والمصادقة على الاتفاقيات الدولية المنبثقة عن هيأة الأمم المتحدة، وإصدار
زمرة من النصوص التشريعية الرامية إلى حماية حقوق الأسرة بمكوناتها، وفي مقدمتها صيانة
وتحصين حقوق المرأة والطفل، ووقايتهم من كل ضروب العنف والتمييز والإقصاء المبني
على مقاربة النوع في شتى مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وغيرها.
المبحث الثاني: دور الحكامة في تجسيد مقومات التنمية المجتمعية
المستدامة على المستوى الخارجي
تنبني
المقاربة التنموية المجتمعية المستدامة كطموح وطني على فكرة أساسية مفادها
الانفتاح على المحيط الخارجي، والغاية منها بلوغ نسبة نمو مرتفعة للبلاد عن طريق
بسط وشائج التعاون ومد جسور التواصل مع البلدان المجاورة جغرافيا من المغرب، ودون إغفال
تلك الأخرى التي تعتبر بمثابة شركاء تاريخيين من الناحيتين الاقتصادية والسياسية،
ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق قيم الحكمة والحكامة والدبلوماسية (السفراء
والقناصل...الخ(.
وتنقسم
العلاقات التنموية التعاونية اقتصاديا وتجاريا المنسوجة من طرف المغرب مع دول
المعمور منذ نهجه لسياسة اقتصاد السوق ونظام الليبرالية وتحرير الأسعار لتوطيد
المنافسة الشريفة بين المقاولات[4] إلى نوعين حسب تصدير
الدستور:
المطلب الأول: مظاهر الحكامة في إطار علاقات التعاون مع الدول النامية
للمغرب
علاقات تعاون عديدة سواء مع الدول الإفريقية أو الدول العربية.
الفقرة الأولى: تأطير مبادئ الحكامة لعلاقات التعاون مع الدول الإفريقية
تعتبر
علاقات التعاون متينة ومعززة خصوصا مع الدول الإفريقية الواقعة في الساحل التي
يبرم معها اتفاقيات تعاون مشتركة في المجالين الاجتماعي والتجاري، أو يساهم في حل
بعض المشاكل الأمنية والحدودية التي تعاني منها من خلال إرسال إعانات مدنية أو
بعثات عسكرية.
وتتركز
علاقات التعاون جنوب/ جنوب التي يسهر المغرب على تقويتها في بناء مشروع دول اتحاد
المغرب العربي الذي لم يكتب له النجاح إلى غاية الآن بسبب وجود عراقيل سياسية
واقتصادية مفتعلة (إغلاق الحدود، ونزاع الصحراء، والهاجس الأمني بدول الساحل،
وثورة الربيع العربي الديموقراطي بدول تونس وليبيا ومصر والجزائر وموريطانيا...الخ).
كما
يعمل المغرب بكل نشاط على تذويب وتسوية مختلف المشاكل المذكورة عبر فتح باب الحوار
الحضاري والدبلوماسي والتشاوري مع مراعاة تفضيل سيادة جو السلم، وتفضيل الحلول
الودية في إطار مؤسساتي.
الفقرة الثانية: تأطير مبادئ الحكامة لعلاقات التعاون مع الدول العربية
في
هذا الصدد، ما فتئ المغرب يتعامل بحكمة سديدة في قضايا الانتماء المجالي ويعتز
بتشبثه الدائم من المغرب الأقصى إلى الخليج بالأمة الإسلامية والعربية التي يتقاسم
معها نفس الهوية التاريخية والدينية واللغوية وبعمله المتواصل للذود عن الملفات
الشائكة المصيرية، مثل القضية الفلسطينية تحت لواء لجنة القدس التي يرأسها صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، وكذا منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية
اللتين اكتسب عضويتهما.
المطلب الثاني: مظاهر الحكامة في إطار علاقات التعاون مع الدول المتقدمة
يتميز
المغرب بعلاقات تعاون عريقة وفريدة مع دول الشمال المتقدمة صناعيا و العريقة
ديموقراطيا وبسمعته الجيدة المكتسبة بفضل سياسة الحكامة التي ينهجها.
الفقرة الأولى: تعزيز أسس الحكامة على ضوء علاقات التعاون مع بلدان
الجوار الأورو متوسطي
من
حيث علاقته مع بلدان الجوار الاورومتوسطي، يمثل المغرب بالنسبة لها شريكا تقليديا
ومهما، نظرا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي كممر يتيح حرية تنقل السلع والأشخاص
ورؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية التي يجد فيه أصحابها تحفيزات لا مثيل لها (عقارية،
وضريبية، وإدارية...الخ).
الفقرة الثانية: تعزيز أسس الحكامة على ضوء علاقات التعاون مع البلدان
الاجنبية الأخرى
من
حيث علاقته مع سائر الدول الأجنبية الأخرى، يمكن القول بأن المغرب يتمتع بصورة إيجابية
في أعينها بفضل أواصر الأخوة المتبادلة وقوة الأسس التعاونية المتينة الموجودة
بينه وبينها. وكنموذج حي على ذلك، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: اتفاق التبادل
الحر المبرم مع الولايات المتحدة الأمريكية.
واليوم،
نعتبر أن المغرب ورغم تأثره النسبي بالأزمة الاقتصادية والمالية التي تتخبط فيها الدول
المتقدمة عامة، فإنه سيكون المستفيد الأكبر منها إذا عرف كيفية استغلالها لصالحه.
الفرع الثاني:
مساهمة
قواعد الحكامة في سيادة مفهوم دولة الحق و القانون
تمكن
الدستور المغربي الجديد إلى مدى غير متوقع وفي ظرف زمني يسير من إحداث قطيعة مع
بعض الممارسات غير المشروعة واللأخلاقية السائدة في السنوات الماضية، وذلك من خلال
ترسيخ المنهجية التشاركية في العمل السياسي عبر الاحتكام إلى قواعد الديموقراطية.
كما
حظيت المقاربة القانونية بنصيب وافر من مقتضياته عن طريق مأسسة شعار دولة الحق
والقانون.
المبحث الأول: التنظيم
الديموقراطي لآليات العمل السياسي
من
الواضح أن الدستور المغربي الجديد حاول الإحاطة بكل جزئيات العمل السياسي باعتباره
إحدى اللبنات الأساسية المعول عليها في إنجاح الأوراش الإصلاحية المفتوحة على
الصعيد الوطني لأنه بمثابة الوسيط الذي يستطيع من خلاله المواطن تقييم السياسات
العمومية التي يكون هو في الأصل موضوعها.
وعليه،
ارتأى واضعو الوثيقة الدستورية أن يكون تنظيم العمل السياسي بالمغرب تنظيما محكما
وديموقراطيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى يشارك فيه الجميع بدون استثناء. ولهذا،
فالمشرع الدستوري ألقى مسؤوليات جسيمة على عاتق الفاعلين في المجال، وهم:
المطلب الأول: أوجه الحكامة في العمل الحزبي
قام
المشرع المغربي بوضع نظام الحكامة بالنسبة للعمل الحزبي عبر تخويلها كافة الضمانات
للارتقاء بالمجال السياسي الذي قد يشجع على تحقيق الديموقراطية التشاركية.
الفقرة الأولى: تعبئة
المواطن للانخراط في الحياة السياسية والعامة
إن نقطة
نجاح العمل السياسي والانتقال الديموقراطي حسب الدستور تتجلى أولا في الارتقاء بالشأن
الحزبي الذي من المفروض عليه أن يقدم تضحيات جليلة للوطن، ونعتبرها واجبا والتزاما
أخلاقيا قبل أن يكون قانونيا تجاه عموم المواطنين. وبالتالي، ينبغي عدم التفريط في
عنصر الثقة بين الأحزاب وبين قواعدها. وبمعنى آخر، يتطلب الأمر الإصرار على
التعبئة المستمرة لخدمة المواطن ذات جودة عالية على غرار المرافق العمومية.
الفقرة الثانية: تقديم نخب
تمثيلية للمواطن
لا
تقف مسؤولية الأحزاب السياسية عند هذا الحد بل تتعداه إلى واجب قانوني وأخلاقي
تاريخي أكبر، أي المساهمة بشكل إيجابي في بناء مؤسسات الدولة العصرية والحديثة
المصرح بها في تصدير الدستور. ولن يتأتى ذلك إلا إذا تمخض عنها نخب قادرة على
تمثيل المواطن محليا وجهويا ومركزيا.
جاء في تقرير الخمسينية:
"تظل نوعية التمثيلية الشعبية رهينة أساسا بنوعية النخب السياسية لأنها
المسؤولة عن تأطير الساكنة وتقديم القدوة لها والكشف عن اختياراتها أثناء
الاستشارات الديموقراطية، وهذا يثير ثلاثة مستويات من المشاكل تهم الأحزاب
السياسية والمسلسلات الانتخابية وسلوكات المنتخبين".
وبهذا الصدد، مما لا ريب فيه
أن الأحزاب قد لعبت دورا رئيسيا في البناء الديموقراطي للبلاد، غير أن الطريق
المفضي إلى بناء مشهد سياسي واضح يترجم خيارات إيديولوجية متباينة يظل في حاجة إلى
المزيد من العمل من أجل تحقيقه. واليوم، يمكن تحديد السمات المميزة للمشهد السياسي
كما يلي:
-
تشتت الخريطة السياسية وغياب
تكتلات متميزة بوضوح ومتماسكة بما فيه الكفاية من أجل تحديد الملامح الوازنة
للتشكيلة البرلمانية وصعوبة حكامة الجهاز التنفيذي؛
-
وجود بعض التصلب التنظيمي
الذي لا يسمح بالديموقراطية الداخلية إلا في حدود ضيقة، ولا بالتشبيب ولا بإحلال
العنصر النسوي في موقع القيادة والتأطير الحزبيين؛
-
وجود بعض التشابه يميل إلى
حد التطابق في البرامج الحزبية المقدمة بطريقة تغلب عليها العموميات، مما يجعلها
غير ملائمة لالتزام كل حزب على حدة بتحقيق أهداف محددة وتسهيل اختيار الناخبين
والتقويم البعدي لنتائج كل واحد منها.
المطلب الثاني: أوجه الحكامة في عمل المجالس الجهوية والجماعات الترابية
لقد
تم فعليا إعادة النظر في القوانين المنظمة لها حاليا، مثل القوانين التنظيمية
الخاصة بالجهات والجماعات الترابية والأقاليم والعمالات التي حلت محل الميثاق
الجماعي[5] لكي تغدو مستقبلا مستقلة
ماليا وإداريا[6]،
حتى تستطيع تفعيل مشروع الجهوية الموسعة بواسطة ولاة وعمال أقاليم المملكة ورؤساء
الجماعات الترابية، والهدف الأساسي المرجو من وراء ذلك يتجلى في الحرص على الإشراك
الأمثل للمواطن في التنمية المحلية والمشاريع الجهوية المزمع إنجازها[7] والإسهام الفعال في تطويرها
وتقييمها، وهذا ما يجعل الجماعات الترابية متبنية لنظرية المقاولة[8].
وسيبقى
ولاة الجهات وعمال الأقاليم محافظين بدورهم الأولوي باعتبارهم أداة مراقبة للبرامج
والقرارات المسطرة داخل دائرة النفوذ الترابي التابع لهم، وجسر وصل بين المجالس
الجهوية والجماعات الترابية الحضرية أو القروية وبين السلطة التنفيذية.
ومن
أجل التنزيل السليم والصحيح لمشروع الجهوية الموسعة، نص الدستور على ضرورة احترام مبدأ
التضامن للتقليص من الفوارق المحتملة أو الحاصلة بين مختلف مناطق وربوع المملكة،
مع مراعاة البرامج التنموية المعدة للخصوصية المكانية والمناخية والثقافية للساكنة
المستهدفة بها.
كما
حدد الدستور الجديد بعض الآليات التي من شانها تزكية موقع المواطن في قلب السياسات
العمومية سواء تعلق الأمر بالشأن المحلي أو الجهوي، ومن بينها الأحكام التي خولت
للمواطن الحق في تقديم عرائض للمنتخبين المسؤولين على التدبير أو التسيير بشروط
معينة لمناقشة النقط التي يراها بالنسبة له حيوية ضمن جدول أعمال معد سلفا ومتفق
عليه.
المطلب الثالث: أوجه الحكامة في العمل البرلماني
يمثل
البرلمان بغرفتيه (أي مجلس النواب ومجلس المستشارين) السلطة التشريعية المختصة
طبقا للفصل 70 من الدستور بإصدار القوانين بعد إعمال آلية التصويت الديموقراطي.
ومن
خلال هذا العمل التشريعي المستجيب لمبدأ فصل سلطة البرلمان عن السلطتين التنفيذية
والقضائية، يؤدي ممثلو الشعب الدور الأساسي المنوط بهم على أكمل وجه، لأن القوانين
التي يصدرونها تصبح أسمى تعبير عن إرادة الأمة.
كما
أن البرلمان عندما يتولى رقابة أعمال الإدارة ونشاط المنشات العمومية التابعة للوصاية
المباشرة للسلطة الحكومية، فإنه يقوم بذلك لصالح المواطن باعتباره ممثلا سياسيا له
ونائبا قانونيا عنه.
وقد
منح الدستور للبرلمان (أغلبية ومعارضة) لتسهيل مأموريته التمثيلية والرقابية عدة
وسائل مشروعة أهمها: الأسئلة الشفهية والكتابية، واللجان الدائمة واللجان المؤقتة مثل لجان تقصي الحقائق، والجلسات العامة، والجلسات الشهرية والسنوية، إضافة إلى ملتمس الرقابة.
المبحث الثاني: التمهيد لسيادة مفهوم دولة الحق و القانون
لا
يجادل اثنان على أن مفهوم دولة الحق والقانون له دلالات عميقة ومتعددة الروافد
بسبب تداوله الشائع في الخطاب القانوني والوسط السياسي.
ووعيا
منه بأولوية مشروع بناء دولة حديثة وعصرية قائمة على مؤسسات قوية بادر المشرع المغربي
إلى إقحام هذا المفهوم بشقيه في الدستور الجديد بحيث نجده حاضرا بكثافة في اغلب
مقتضياته تمهيدا لتحقيق الحكامة في السياسات العمومية.
المطلب الأول: المؤسسات
الدستورية المكلفة بتفعيل حقوق الإنسان
بالنسبة
لهذا الشق، يلاحظ أن هناك بابا فريدا خصصه الدستور لمنظومة الحقوق والحريات الأساسية
الفردية والجماعية التي يتمتع بها عموم المواطنين ذكورا وإناثا، وهو تكريس وطني
للمبادئ الكونية المتعارف عليها عالميا المعروفة بحقوق الإنسان ولسمو الاتفاقيات
الدولية المصادق عليها من طرف المغرب في هذا الميدان، أهمها الميثاق العالمي لحقوق
الإنسان والعهد الدولي المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، علاوة على العهد الدولي
المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ولضمان
صيانة مجموع الحقوق والحريات الفردية أو الجماعية، أقر الدستور بضرورة إحداث البعض
من الهيئات، وهي:
الفقرة الأولى:
المجلس الوطني لحقوق الإنسان[9]
يحرص
المجلس الوطني لحقوق الإنسان على التطبيق الحرفي لتوصيات هيأة الإنصاف والمصالحة [10]، ويتولى طبقا للفصل 161 من
الدستور[11] "النظر في القضايا
المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة،
والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات،
وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا
المجال".
الفقرة الثانية:
الهيأة المكلفة بالمناصفة
جاء
التنصيص على الهيأة المكلفة بالمناصفة في الفصل 164 من الدستور[12] قصد تحقيق المساواة بين
الرجل والمرأة في شتى الميادين، ولرفع الظلم الذي كانت تتعرض له هذه الأخيرة في
الفترات السابقة باعتبارها اليوم نصف المجتمع، ولها أدوار طلائعية لا تقل أهمية عن
تلك التي يقوم بها الجنس الآخر، بدليل العبارة المزدوجة المستعملة في الدستور الجديد
"المواطنين والمواطنات".
المطلب الثاني: المؤسسات
الدستورية المكلفة بتفعيل قواعد الحكامة وترسيخ مفهوم الحق والقانون
لم يترك
المشرع المغربي مسالة تنزيل مقتضيات الدستور ومنظومة الحقوق والحريات الفردية
والجماعية التي يكتسبها عموم المواطنين سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو معنويين على
إطلاقها، بل وضع شروطا قانونية لممارستها من خلال وضع قواعد حكاماتية دقيقة تتم
على مستوى مؤسساتي متميز. فهناك
نوعين من المؤسسات التي تسهر على تفعيل قواعد الحكامة ومبدأ ربط المسؤولية
بالمحاسبة.
الفقرة الأولى: تفعيل
قواعد الحكامة ومفهوم الحق والقانون من طرف المؤسسات الدستورية الإدارية
تتمثل
المؤسسات الدستورية غير القضائية المكلفة بتفعيل قواعد الحكامة في:
أولا: الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري[13]
تم
التنصيص على اختصاصات هذه الهيأة في الفصل 165 من الدستور لكي تتولى " السهر على احترام التعبير التعددي لتيارات الرأي والفكر،
والحق في المعلومة في الميدان السمعي البصري، وذلك في إطار احترام القيم الحضارية
الأساسية وقوانين المملكة".
ثانيا: الهيأة الوطنية للنزاهة و الوقاية من الرشوة
قضى
بإحداث هذا الجهاز الفصل 36 من الدستور وحدد اختصاصها الفصل 167 لمكافحة ظاهرة الفساد والرشوة
التي انخرط المغرب في الالتزام بالتقليص من تبعاتها السلبية في المجال الاقتصادي والمالي
والإداري[14].
ثالثا: مجلس المنافسة[15]
يعتبر
مجلس المنافسة حسب منطوق الفصل 166 من الدستور"هيئة مستقلة، مكلفة في إطار
تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة
من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات
التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار".
رابعا: المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي[16]
أكد
الفصل 153 من الدستور على أن المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي مكلف بإبداء
الرأي حول القضايا المتعلقة بالسياسات العمومية، وهذا يدل على مساهمته في تقييمها
و تفعيله لقواعد الحكامة الجيدة.
خامسا: مؤسسة الوسيط
يعهد
إلى مؤسسة الوسيط بموجب الفصل 162 من الدستور مهمة "الدفاع عن الحقوق في
نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة
مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات
العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية".
الفقرة الثانية: تفعيل قواعد الحكامة ومفهوم الحق والقانون من طرف المؤسسات
الدستورية القضائية
تتجلى
المؤسسات الدستورية القضائية المكلفة بتفعيل قواعد الحكامة في: المجلس الأعلى للحسابات المحددة اختصاصاته على التوالي في
الفصلين 147 و 148 من الدستور، وهما متطابقين تماما مع ما هو معمول به في إطار
مدونة المحاكم المالية والمحكمة الدستورية.
وبما
أن القضاء هو الجهة الموكول إليها صيانة الحقوق والحريات الإنسانية وتطبيق النصوص
القانونية مع مراعاة مبادئ العدل والإنصاف، فإن الدستور منح له عدة صلاحيات واسعة.
وفي هذا الإطار، عمل المشرع المغربي على إرساء مبادئ أساسية للرفع من نجاعة القضاء
الذي ارتقى به إلى درجة سلطة وليس جهاز كما في السابق، أبرزها:
أولا: ضمان مبدأ
استقلالية القضاء[17]
يعد كل من الملك والمجلس الأعلى
للسلطة القضائية ضمانة فعالة في بلوغ الاستقلالية [18] التي تساعد على تعزيز الشفافية والنجاعة.
ويقصد
باستقلالية القضاء
على حد قول البعض[19]"
عدم وجود
أي تأثير
مادي أو
معنوي أو
تدخل مباشر
أو غير مباشر
وبأية وسيلة
في عمل
السلطة القضائية؛
بالشكل الذي
يمكن أن
يؤثر في
عملها المرتبط بتحقيق
العدالة، كما
يعني أيضا
رفض القضاة
أنفسهم لهذه
التأثيرات والحرص
على
استقلاليتهم ونزاهتهم".
ثانيا:
السهر على حسن سير قواعد العدالة
المقصود
هنا على وجه الخصوص هو ضمان المحاكمة العادلة للمتقاضين عبر الحرص على تأصيل قرينة
البراءة وتفسير الشك لصالح المتهم والتقليص من الاعتقال التعسفي وتبسيط الإجراءات
المسطرية للتسريع من وتيرة البت في الملفات المعروضة على أنظار المحاكم و التخفيف
من العبء الثقيل عليها[20]، وذلك من خلال تقريب
القضاء لجعله في خدمة المواطن المتقاضي .
وهكذا،
فالدستور يسير في اتجاه تحصين المبادئ والحقوق القضائية لضمان الولوج المتكافئ
لمرفق العدالة لفائدة الجميع بتعزيز مجانية التقاضي والمساعدة القضائية.
خاتمة
ومجمل
القول، نرى أن الإصلاح الدستوري الذي أجراه المغرب عبر إدراج مبادئ الحكامة الجيدة
ما هو سوى بداية الطريق العام واللبنة الأولى الممهدة لتحقيق مسار الطموحات الكبرى
ومسلسل الأوراش التنموية المشروعة. لذلك، فلا سبيل للتراجع عن الاختيارات
التاريخية الديمواقراطية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية المجسدة في النصوص القانونية،
وهذا ما يستدعي من كافة الفرقاء المسؤولين على تفعيل مقتضيات الدستور اقتناص الفرص
الثمينة والعمل على استغلالها و توظيفها بالشكل المطلوب.
وفي
هذا المقام، لن نجد أفضل من نموذج التوصيات المقترحة في تقرير الخمسينية وملاحظاته
للفت انتباه الهيئات الدستورية إلى ضخامة المهام الملقاة عليها بحيث ينبغي عليها
الانخراط الكامل في المشروع الإصلاحي
الوطني لكسب الرهانات ورفع التحديات المطروحة ولاستشراف الآفاق المأمولة من مغرب
الغد.
[1] Abdelhaq EL HATTAB les blogs une nouvelle
culture en pleine expansion dans les pays arabes article publié le 10 janvier 2012 dans le Site des Sciences
Juridiques et Economiques www.marocdroit.com
[2] فرض مصطلح التنمية البشرية نفسه في الخطاب الاقتصادي والسياسي على
مستوى العالم بأسره وخاصة منذ التسعينات من القرن العشرين، كما لعب البرنامج
الإنمائي للأمم المتحدة وتقاريره السنوية عن التنمية البشرية دورا بارزا في نشر
وترسيخ هذا المصطلح. و قد عرف
المجلس الاقتصادي والاجتماعي في هيئة الأمم المتحدة هذا المفهوم على النحو الآتي: "تنمية المجتمع من الإجراءات الشاملة التي تستخدم لرفع
مستوى المعيشة وتركيز اهتمامها –أساساً على المناطق
الريفية ".
كما قدمت هيئة الأمم
المتحدة عام 1955م تعريفا له بقولها : هي "
العملية المرسومة لتقدم المجتمع جميعه اجتماعياً واقتصادياً،وتعتمد بقدر الإمكان
على مبادرة المجتمع المحلي وإشراكه ".
أما التنمية المستدامة
فهي عبارة متفرعة عن التنمية الشاملة ويعتبر أول من أشار إليه بشكل رسمي هو
تقرير" مستقبلنا المشترك " الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية
والبيئة التابعة للأمم المتحدة عام 1987. و
بالرجوع إلى هذا التقرير نجد تعريفا للتنمية المستدامة على الشكل الآتي:
"التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار حاجات المجتمع الراهنة بدون المساس بحقوق
الأجيال القادمة في الوفاء
باحتياجاتهم".
[3] جاء في الخطاب العبارات التالية لـقـد عـهـدتـنـي، مـنـذ تـحـمـلـت أمـانـة
قـيـادتـك، دائـم الانـشـغـال بـقـضـايـاك، مـتـجـاوبـا مـع تطـلـعـاتـك، حـريـصـا
عـلـى إشـراكـك فـي إيـجـاد الحـلـول النـاجـعـة، لـرفـع التـحـديـات الكـبـرى
للـوطـن، بـروح الالـتـزام والـتـعـبـئـة، والـعـمـل والأمـل.
وسـيـرا عـلـى هـذا الـنـهـج، وبـعـد إمـعـان
النـظـر فـيـمـا استـخـلـصـتـه مـن وقـوفـي المـيـدانـي الـمـوصـول عـلـى
أحـوالـك، فـي مـخـتـلـف جـهـات الـمـمـلـكـة، فـقـد قـررت أن أخـاطـبـك الـيـوم
بـشـأن قـضـيـة تـهـم الـمـغـاربـة جـمـيـعـا فـي الـعـمـق. قـضـيـة تـسـائـل كـل
الـمـؤسـسـات، والفـاعـلـيـن السـيـاسـيـيـن والنـقـابـيـيـن، والاقـتـصـاديـيـن،
والهـيـئـات الجـمـعـويـة. بـل إنـهـا تـشـكـل الـهـاجـس الـمـلـح لـكـافـة الأسـر
والـمـواطـنـيـن.
إن الأمـر يتـعـلـق بـالمـعـضـلـة
الاجـتـمـاعـيـة، الـتي نـعـتـبـرهـا بـمـثـابـة التـحـدي الأكـبـر، لـتـحـقـيـق
مـشـروعـنـا الـمـجـتـمـعـي الـتـنـمـوي، والـتـي قـررنـا، بـعـون الله
وتـوفـيـقـه، أن نـتـصـدى لـهـا بـإطـلاق مـبـادرة طـمـوحـة وخـلاقـة، باسـم
"الـمـبـادرة الـوطـنـيـة للـتـنـمـيـة الـبـشـريـة".
[4] عبد
الحق الحطاب سياسة النهوض بالقطاع المقاولاتي بالمغرب التحديات الراهنة
والمستقبلية مقال منشور بمجلة الفقه والقانون، للاطلاع يرجى زيارة الموقع
الالكتروني www.majalah.new.ma
[5]ظهير
شريف رقم 1.02.297 صادر في رجب 1423/3 أكتوبر 2002، بتنفيذ القانون رقم 78.00
المتعلق بالميثاق الجماعي، جريدة رسمية عدد 5058، بتاريخ 21 نونبر 2002. الذي تم تتميمه وتغيره بقانون القانون رقم
17.08، ظهير شريف رقم 1.08.153 صادر في 22 من صفر الخير 1430 (18 فبراير 2009)
بتنفيذ القانون رقم 17.08، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5711، 27 صفر 1430 (23
فبراير 2009).
[6] Mechrafi Amal: autonomie et développement local dans la nouvelle charte
communale, in REMALD, série «thèmes
actuels», Nْº44,
2003, p: 17.
- محمد عالي أدبيا: "إشكالية الاستقلال
المالي للجماعات المحلية بالمغرب: نحو مقاربة أكثر واقعية"، منشورات المجلة
المغربية للإدارة والتنمية المحلية، « سلسلة مواضيع الساعة» عدد 29/2001 ،ص 18
و19.
[7] Fatima chahid : territorialisation des
politiques publiques, publications de la revue marocaine d'administration
locale et de développement, collection «manuels
et travaux » N°63,
2005, P: 65.
[8] جاء في خطاب جلالة المغفور له الحسن الثاني
بمناسبة افتتاح المناظرة السابعة للجماعات المحلية الدار البيضاء، 19- 21
أكتوبر1998« فعلينا أن ننظر إلى تسيير الجماعة المحلية بعين ذلك المسير للمقاولات
عين يقظة وجدية « .
[10] جاء
في تقرير الخمسينية إن القرار الشجاع و الفريد على مستوى المنطقة الذي اتخذه جلالة
الملك محمد السادس بإنشاء هيأة الإنصاف و المصالحة أبان عن إرادة المغرب في القيام
بواجبه إزاء الذاكرة و الحقيقة و الاعتراف و رد الاعتبار للضحايا فرادى و جماعات و
لقد تم التنويه بالعمل الذي قامت به هاته الهيأة داخل البلاد و خارجها كما أن هذا
العمل مكن من تحقيق القطيعة النهائية مع مختلف أنواع الشطط و التجاوزات و ذلك
بالتحصين المؤسساتي من انتهاك حقوق الإنسان
و يجدر التذكير بأن تجربة هيأة الإنصاف و
المصالحة جاءت تتويجا لمسلسل طويل من النضالات الرامية إلى الدفاع عن حقوق الإنسان
و الاعتراف الرسمي بها كما أنها كانت ثمرة لمبادرات سياسية قوية توخت تحقيق تقدم
البلاد في هذا الميدان
[11] ينص الفصل 161 من الدستور على أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة وطنية
تعددية ومستقلة، تتولى
[12] ينص الفصل 164 من الدستور على أن "تسهر
الهيأة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز، المحدثة بموجب الفصل 19
أعلاه من هذا الدستور، بصفة خاصة، على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في
نفس الفصل المذكور، مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان".
[14] Abdelhaq EL HATTAB les engagements du Maroc
dans le cadre de la lutte contre la corruption article publié dans le Site des Sciences Juridiques et
Economiques www.marocdroit.com
[17] نص
الفصل 107 من الدستور على أن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و السلطة
التنفيذية
[18] نص
الفصل 113 من الدستور على ما يلي يسهر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على تطبيق
الضمانات الممنوحة للقضاة و لا سيما فيما يخص استقلاليتهم و تعيينهم و ترقيتهم و
تقاعدهم و تأديبهم
يضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمبادرة منه
تقارير حول وضعية القضاة و منظومة العدالة و يصدر التوصيات الملائمة بشأنها
يصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية بطلب من
الملك أو الحكومة أو البرلمان آراء مفصلة حول كل مسالة تتعلق بالعدالة مع مراعاة مبدأ
فصل السلط
[19] محمد محبوبي " استقلال القضاء كآلية من
آليات الإصلاح القضائي" مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال و
المقاولات العدد المزدوج 17-18 يناير- يونيو 2011 الصفحة 101 و ما بعدها.
[20]من خلال تقوية الطرق البديلة لتسوية المنازعات حول هذه
النقطة: يوسف الزوجال: التحكيم في القانون
المغربي بين الماضي الحاضر و المستقبل مقال منشور بمجلة الملف العدد 18 أكتوبر
2011 ص 79-89
لنفس المؤلف: خصوصية الوسائل البديلة في جلب الاستثمار مقال منشور بمجلة الملف العدد 20 فبراير 2013 ص 45 و ما بعدها.
(*) باحث في الشؤون القانونية فاعل جمعوي وناشط حقوقي الكاتب العام للمنتدى الوطني لأطر الإدارة القضائية الباحثين، عضو المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية.