* ميمون اليوب
يعتبر تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية هدفا
يسعى لبلوغه كل من لجأ الى القضاء للمطالبة بحقوقه، فالتنفيذ وسيلة تترجم هذه
الأحكام والقرارات الى واقع ملموس، ذلك أن الحماية القضائية للحقوق لا تنعقد إلا
بتنفيذ الأحكام .
وبما أن قضايا التنفيذ تكتسي أهمية كبيرة في
القضايا الأسرية عامة،وطلبات النفقة خاصة، فإن المشرع جعل الأحكام الصادرة عن هذه
الأخيرة مشمولة بالتنفيذ المعجل بقوة القانون، نظرا لما لها من طابع معيشي
واجتماعي، حيث أضفى السرعة والعجلة في تنفيذ حكم النفقة من خلال مقتضيات المسطرة
المدنية وكذا مدونة الأسرة.
وبما أن قضايا التنفيذ في المادة الأسرية
تعترضها بعض الاشكالات والمنازعات من ناحية التنفيذ، فإن قضايا النفقة لا تخلو من
هذه الاشكالات أيضا، لهذا كرس المشرع إمكانية الحكم بالنفقة المؤقتة ريتما يصدر
الحكم في الموضوع.
وتعتبر النفقة من الحقوق التي أثبتتها الشريعة
الاسلامية للزوجة وعلى غرارها سارت مدونة الأسرة[1]
التي لم تعرف النفقة، وإنما حددت مشتملاتها[2]
وسنحاول في هذه الدراسة التطرق الى النفقة
واشكالية تنفيذ أحكامها وإن كان تنفيذها وتفعيلها رهين بقضاء أسري عصري وفعال،
لاسيما وقد تبين من تطبيق المدونة الحالية أن جوانب القصور والخلل لا ترجع فقط
لبنودها لكن بالأحرى الى انعدام قضاء أسري مؤهل ماديا وبشريا ومسطريا، لتوفير كل
شروط العدل والانصاف، مع السرعة في البث في القضايا والتعجيل بتنفيذها[3].
ولا أدعي الاحاطة بكل جزئيات وتفاصيل
الموضوع، الذي يستحق البذل والعطاء، ولكني أقول بأني بذلت غاية الجهد، وأخلصت
النية فيما عقدت العزم عليه، وأتطلع الى قبوله بعين الرضا والصواب، واسأل بلسان
الحال وخطاب التذلل والخضوع أن يكمل نقصه ويصلح خطأه فقلما يخلص بحث من هفوات أو
ينجو باحث من عثرات.
ووفاء منا للمنهجية الأكاديمية القانونية
التي تفرض علينا تناول الموضوع من خلال تصميم ثنائي، عمدنا الى تقسيمه على الشكل
التالي:
المبحث الأول:
أحكام النفقة في القانون المغربي
المبحث الثاني
: تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالنفقة.
المبحث
الأول : أحكام النفقة في القانون المغربي.
النفقة لغة
هي إسم الانفاق، ويطلق على ما يؤمن الانسان به نفسه وذويه، واصطلاحا هي إخراج
الشخص مالا ينفق به على من تجب عليه نفقته وتشمل المأكل والملبس والمسكن[4].
والنفقة واجبة على الزوج تجاه زوجته ووالديه،لأن الزواج شرع أساسا لمصالح
الأفراد،وكل مناقضة لتلك المصالح قصدا أو مآلا تبطل التصرف[5]
وكذا في حاله الالتزام بها، قال تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله}[6] وقال أيضا: {وأنفقوا مما رزقناكم}[7] ، وكما هو معلوم فالزواج الصحيح هو الذي يوجب النفقة[8]
وهذه الأخيرة لا تقبل الصلح طبقا للفصل 1102 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء
فيه بأنه لا يجوز الصلح على حق النفقة".
وحق الزوجة في النفقة له طابع شخصي محض وبالتالي لا يمكن
التصرف فيه ولا يقبل الحجز لدى الغير (طبقا للفصل 488من ق.م.م)[9]
وعليه سنتطرق
في هذا المبحث لمشتملات وضوابط تقدير النفقة(المطلب الأول) وأسباب وجوب
النفقة(المطلب الثاني) وكل هذا في إطار دراسة تحليلية عملية.
المطلب الأول: مشتملات النفقة وضوابط
تقديرها.
سنتناول في هذا المطلب مشتملات النفقة في فقرة أولى
وضوابط تقديرها في فقرة ثانية.
الفقرة الأولى: مشتملات النفقة
يقصد بمشتملات النفقة عناصرها أو قائمة الحاجيات
الضرورية لحياة مستحقيها[10]،
وفي هذا الاطار جاء في المادة 189 من مدونة الأسرة المغربية : "تشمل النفقة
الغذاء والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضرويات والتعليم للأولاد." ، وكما جلي
للقارئ العزيز فالمادة جاءت بهذا التعداد وهو على سبيل المثال بدليل أن المشرع
نفسه قرر أن يضاف اليها ما يعتبر من الضروريات.
وقد قضى المشرع بوجوب مراعاة المادة 168 من نفس
المدونة،التي تعتبر تكاليف سكنى المحضون مستقلة عن تقدير النفقة، وأنها واجبة على
الزوج وهذا ما أكدته المادة 196 من م.أ: "المطلقة رجعيا يسقط حقها في السكنى
دون النفقة، وفي هذا الاطار صدر قرار عن المحكمة الاستئنافية بالدار البيضاء[11]:
"وحيث ان واجب سكنى المحضون مستقل عن نفقته طبقا لمقتضيات المادة 168 من م.أ
ويقع على عاتق الملزم بالنفقة".
كما تحدد المادة أعلاه مشمولات النفقة في المسكن الذي
يلزم على الزوج بتوفيره لزوجته وأبناءه، بما يتناسب مع حالته المادية والاجتماعية،
لقوله تعالى: {اسكنوهن من حيث سكنتم لوجدكم}،
أي بحسب سعتكم وقدرتكم المالية.
كما أن الزوج ملزم بإطعام زوجته وكسوتها وهو ما سماه
الفقهاء بالطعام[12]، ويعتبر
كذلك العلاج والصحة من حقوق الزوجة والأبناء على الزوج.
وقد كرس القضاء هذه المادة في عدة أحكام حدد فيها
مشتملات النفقة، اذ جاء في حكم المحكمة الابتدائية بزاكورة[13]
ما يلي " وحيث تشمل النفقة الغداء و الكسوة تشمل النفقة الغداء و الكسوة
".
وجاء أيضا في حكم المحكمة الابتدائية بتارودانت[14]:
" وحيث ان نفقة كل انسان في ماله ... وحيث تشمل النفقة الغداء و الكسوة والعلاج وما
يعتبر من الضروريات والتعليم للأولاد... وحيث ان طلب توسعة الاعياد و المناسبات لا اساس
لها في الشرع والقانون ،اذ هي من مشمولات النفقة".
وجاء في حكم لنفس
المحكمة[15] " ولان تغير الظروف الاقتصادية من الرخص الى الغلاء وازدياد حاجيات الابن المذكور سواء من الجانب المعيشي خاصة انه لازال في مقتبل العمر و لا زال يتابع دراسته حسب الشهادة المدرسية
برفقته ، فان طلب الزيادة في
النفقة له ما يبرره ."
وقد راعت محكمة النقض
أيضا المادة 189من مدونة الأسرة وقد جاء في قرار لها[16]
:بمقتضى المادة 189من م.أ فإن النفقة تشمل الغذاء والكسوة والعلاج وما يعتبر من
الضروريات والتعليم للأولاد...أما فيما يتعلق بمصاريف النظارات الطبية التي لا غنى
للمحضون عنها، فإنه لا يوجد ما يمنع من الحكم بها بصورة مستقلة".
الفقرة الثانية : ضوابط تقدير النفقة
يقصد بالتقدير الكيفية أو الكمية التي يحدد بها إشباع
الحاجيات[17] وتعتبر
مسألة تقدير النفقة من المشاكل التي يواجهها القضاء نظرا لتعلقها بحياة شخصين: هما
المنفق المدين بالنفقة والمنفق عليه الدائن. حيث يكون على القاضي تحقيق التوازن
بين طرفي المعادلة عن طريق ضمان العيش للدائن، والحفاظ على مصدر عيش المدين،وعليه
فكلما كان دخل الزوج مرتفعا كلما كانت النفقة مرتفعة[18]
ويقول سبحانه وتعالى: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه
فلينفق مما أتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها "[19]، من خلال
هذه الآية الكريمة يتبين أن المرجع الأول في تقدير النفقة هو حال الزوج، والله
سبحانه وتعالى أمر السعة من الرجل بأن ينفق من سعته ولا يضيق على زوجته، فهذه
القاعدة هي التي اعتمد عليها الفقهاء في تقدير النفقة إذا أخذوا بعين الاعتبار حال
الزوج وحده سواء كانت الزوجة موسرة أو معسرة.
وجاء في المادة
189 من مدونة الأسرة بأنه يراعى في تقدير النفقة التوسط ودخل الملزم بها، وحال
مستحقها، ومستوى الأسعار والأعراف والعادات السائدة في الوسط الذي تفرض فيه
النفقة.
ففيما يتعلق بتحديد دخل الزوج فيتعين أن يكون هذا التحديد
مبنيا على أساس المداخيل التي يحصل عليها المكلف بهذه النفقة من مرتب أو أجر أو
أرباح، أو غير ذلك من مصادر الرزق، ولا ينظر إلى ما لا يكون له من ثروة لا تدر
مداخيل، وتقدر المحكمة النفقة لما لها من سلطة تقديرية واسعة وتلك السلطة مستمدة
أساسا من النصوص التشريعية[20].
ومن الناحية
العملية يتم إثبات دخل الزوج من طرف طالب النفقة عن طريق الإدلاء سواء بالرسوم
العقارية أو برسوم الملكية إذا تعلق الأمر بممتلكات عقارية أو الإدلاء بشهادة من
السجل التجاري تفيد ملكيته لأصول تجارية أو قيم منقولة – أسهم أو سندات اسثتمار –
أو شهادة الأجر إما صادرة من القطاع العام أو القطاع الخاص، كما يتم على سبيل
الاستئناس الاعتماد على بعض الوثائق الضريبية لإثبات دخل الملزم بهذه النفقة.
وقد نصت مدونة الأسرة في المادة 190 بقولها:
" تعتمد المحكمة في تقدير النفقة على تصريحات الطرفين وحججهما مراعية في ذلك
أحكام المادتين 85، 168 ولها أن تستعين بالخبراء " وفي سياقنا هذا فقد صدر
حكم عن المحكمة الابتدائية بأزيلال[21]
جاء فيه: " وحيث إن المحكمة
تعتمد في تقدير النفقة على تصريحات
الطرفين وحججهما طبقا للمادة 190 من المدونة... وحيث إن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية ترى تحديد النفقة المطلوبة وتوسعة الأعياد والمناسبات وفق المبلغ الذي
سيعلن عنه في منطوق هذا الحكم... وحيث إن الشارع خص الزوجة بالسكن مع زوجها منفردة عن أهله وأقربائه ،كما نص على ذلك
الفقهاء ،لقول الشيخ خليل في المختصر :"ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه
"وهو من الحقوق التي لايمكن التحلل منها إلا برضاها . "
وجاء في حكم لنفس المحكمة[22]
: " ويراعى في
تقديرها دخل الملزم بها وحال مستحقها ومستوى الأسعار وعادات وأعراف الوسط الذي
تفرض فيه مع اعتبار التوسط طبقا للفصول 187-189-190-194-195 من مدونة الأسرة... وحيث إنه وأمام غياب مايتبث الوضعية المادية للمدعى
عليه واعتبار للعناصر أعلاه ولما هو وارد بعقد الزواج كونه عامل ،فإن المحكمة ولما
لها من سلطة تقديرية ترى تحديد مبلغ النفقة وتوسعة الأعياد وفق ماسيرد في منطوق
الحكم".
وقد نهج المجلس الأعلى(محكمة النقض)نفس نهج محاكم
الموضوع، اذ جاء في قرار له[23]:
" فإن المحكمة تراعي في تقدير النفقة التوسط ودخل الملزم بها وحال مستحقيها،
وتعتمد على حجج الأطراف وتصريحاتهم، ولها أن تستعين بالخبرة إذا اقتضى الأمر
ذلك."
والملاحظ من خلال الأحكام والقرارات القضائية أن سلطة
تقدير النفقة خولها المشرع لقضاة الموضوع، إذ بوسعهم الحكم بأقل مما طلب أو اكثر
ما دامت العناصر المعتمدة في التقدير هي عناصر واقعية، وقد أوقف المشرع في
المادة 189من م.أ تحديد النفقة على عناصر
موضوعية يتمتع القاضي بسلطة واسعة في الاعتداد بها[24].
وفي نهاية هذه الفقرة نشير الى أن تقدير النفقة لها
ضمانات إجرائية حددها المشرع في المادة بمقتضى مدونة الأسرة وقانون م.م.[25]
المطلب الثاني : أسباب وجوب النفقة.
جاء في الفقرة الثانية من المادة 187 من مدونة الأسرة
بأن اسباب وجوب النفقة على الغير هي الزوجية والقرابة والالتزام.
وعليه سنسير في تقسيمنا لهذا المطلب بتقسيمه لفقرتين
الاولى نتناول فيها الزوجية والفقرة الثانية نتناول فيها القرابة والالتزام.
الفقرة الأولى : الزوجية
تجب النفقة على الزوج، سواء كانت الزوجة غنية أو
فقيرة،مسلمة أو كتابية ما دامت الزوجية قائمة حقيقة.[26]
وهكذا فإنه غير ملزم بها أثناء فترة الخطبة ولا يمكن للمرأة أن تطلب النفقة من
خليلها على اعتبار أنها تعاشره معاشرة الأزواج[27]
وفي هذا الاطار جاء في التحفة:"ويجب الانفاق للزوجات في كل حالة من
الحالات".
كما أن النفقة الواجبة ثابتة بكتاب الله والسنة وإجماع
علماء الأمة، قال تعالى : '"لينفق ذو سعة من
سعته'"[28]
وقال أيضا: '"اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا
تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فانفقوا
عليهن حتى يضعن حملهن'"[29] وهذه الآيات تحمل طابع الأمر والوجوب.
وفي
السنة،ما رواه أبو داود عن معاوية القشيري قال: " أتيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقلت ما تقول في نسائنا؟ قال : أطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما
تكتسون" كذلك لما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام هندا بأن تأخذ من مال زوجها
ما يكفيها وولدها بالمعروف.
وقد جاء في المادة 194 من مدونة الأسرة حالات استحقاق
الزوجة للنفقة، ونوردها كالتالي:
§
بعد الدخول بالزوجة(البناء).
§
أن يكون هناك زواج ناتج عن عقد صحيح.
§
أن تمكن الزوجة زوجها من نفسها،حيت تعتبر النفقة من
تاريخ هذا التمكين.
وفي هذا الاطار صدرت أحكام عن المحكمة الابتدائية بمراكش
توجب فيها نفقة الزوج على زوجته،من بين حيثيات احد الاحكام[30]:"وحيث
ان نفقة الزوجة واجبة على زوجها ويقضى بها من تاريخ الامساك عن أدائها".
وأيضا جاء في حكم لنفس المحكمة[31]:
"وحيث ان نفقة الزوجة واجبة على زوجها".
الفقرة الثانية : القرابة والالتزام
أجمعت المذاهب على نفقة الأقارب،حيث استدلوا بالقرآن
الكريم وذلك من خلال قول المولى جلت قدرته: '" ووصينا الانسان بوالديه حسنا
"[32]
ونفقة الأبناء بقوله تعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"[33].
وغيرها من الآيات الكريمة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته
في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته
على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك"[34]
وقال أحمد أبو حنبل، أن القرابة التي تكون سببا من أسباب
الانفاق هي القرابة التي يكون فيها القريب الموسر وارثا للقريب المحتاج، أن ترك
مالا. لقوله تعالى"وعلى الوارث مثل ذلك" ولأن بين المتوارثين قرابة
تقتضي أن يكون الوارث أحق بمال المورث من سائر الناس، فيجب أن يختص لوجوب صلته
بالنفقة من دونهم، فأن لم يكن وارثا لتأخر القرابة الموجبة لذلك، لم تجب عليه
النفقة لذلك[35].
وبالرجوع للمادة 198من م.أ[36]
نجد أن المشرع اختص الأب بوجوب النفقة على أولاده، وحدد أيضا مدة استمرار الانفاق
على الأولاد ذكرا أو اناثا الى حين بلوغهم سن الرشد القانوني، أو اتمام الخامسة
والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسه،وبالنسبة للاناث فتستمر نفقة الأب عليهن الى
يتوفرن على الكسب،أو يتزوجن. وهذا السياق صدر حكم عن المحكمة الابتدائية بمراكش[37]جاء
فيه :"وحيث ان الأب هو المكلف بالانفاق على أولاده الصغار وتمتد نفقة الابن
حتى يبلغ سن الرشد القانوني أو يتمم الخامسة والعشرين سنة إذا كان يتابع دراسته
وتمتد نفقة البنت حتى تجب على زوجها أو تصبح متوفرة على مصدر للكسب".
وجاء في حكم آخر لنفس المحكمة[38]:"
وحيث تجب نفقة الأبناء على الآباء ما دام الأبناء صغارا وعاجزين عن الكسب وتستمر
على الذكر الى أن يبلغ عاقلا قادرا على الكسب،وعلى الأنثى الى تجب نفقتها على
زوجها".
وصدر أيضا عن نفس المحكمة[39]:"حيث
التمست المدعية بأدائها لها نفقة البنت أسماء حسب المفصل أعلاه،وحيث تخلف المدعى
عليه رغم توصله مما تعذر معه على المحكمة التعرف على أوجه دفاعهم مما يتعين معه
الاستجابة لطلب المدعية".
كما تجب النفقة
أيضا بالاظافة لما سبق بالالتزام، إذ نصت المادة 205 من م.أ على أنه: من التزم
بنفقة الغير صغيرا كان أو كبيرا لمدة محدودة،لزمه ما التزم به، واذا كانت لمدة غير
محدودة اعتمدت المحكمة على العرف في تحديدها".
ونستشف من هذه المادة أن الالتزام بنفقة الغير جاء مطلقا
ليشمل الغير القريب والغير البعيد، لأن الالتزام هنا قصد به مساعدة هذا الغير من
الانفاق على نفسه.
المبحث
الثاني: تنفيذ الأحكام المتعلقة بالنفقة.
لا أحد تخفى عنه أهمية التنفيذ وما يعلق عليه
من آمال على اعتبار أنه هو التجسيد المادي لفعالية الجهاز القضائي، "ومن
البديهي أن القضاء لن يحقق هذا المبتغى إلا اذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة
والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الانصاف وفورية البت
والتنفيذ"[40].
لأهمية التنفيذ –وخاصة في شقه
المدني - ودقة إجراءاته، فإن المشرع المغربي حرص على تنظيمه في قوانين مسطرية
خاصة، ومنها على الخصوص قانون المسطرة المدنية في القسم التاسع منه، من خلال
ثمانية أبواب من الفصل 411 إلى الفصل 510 ،أما تنفيذ قضايا الأسرة فيجد سنده المرجعي في ذات
القانون خاصة في مقتضيات الباب الثالث المتعلقة بالقواعد العامة بشأن التنفيذ
الجبري للأحكام.
وعليه سنتناول هذا المبحث في مطلبين اثنين
الأول نعالج فيه كيفية البث في قضايا النفقة وتنفيذها، والثاني ندرس فيه بعض
الاشكالات التي تعترض تنفيذ أحكام النفقة، والقواعد الزجرية المتعلقة بعدم تنفيذ
أحكامها.
المطلب الأول: البث في قضايا النفقة
وتنفيذها.
لا شك أن غاية كل متقاض من استصدار حكم لصالحه هو الوصول
به الى مرحلة التنفيذ والعمل على تنفيذه[41]،
إذ لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.
ويعتبر التنفيذ المعجل القانوني من بين مظاهر الحماية
التي أقرها المشرع على بعض الأحكام والقرارت التي لها أهمية خاصة، حيث أورد المشرع
في ق.م.م الكثير من القضايا المشمولة بالنفاذ المعجل القانوني، ومن أبرز هذه
القضايا تلك الأحكام الصادرة في طلبات النفقة، إذ أنها تنفذ على الأصل نظرا
للخصوصيات التي تنفرد بها.
وسنتطرق في هذا المطلب لمسطرة البث في قضايا
النفقة(الفقرة الأولى)ولخصوصيات تنفيذ أحكام النفقة(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مسطرة البث في قضايا
النفقة.
خلافا لمبدأ المدعي يتبع المدعى عليه الى موطنه كما هو
منصوص عليه في الفصل 27من ق.م.م[42].
فإنه يرخص للزوجة في دعوى النفقة امكانية رفعها أمام محكمة موطنها[43]،
ولو كان الزوج يخضع لمحكمة أخرى.
وينص الفصل 179من ق.م.م على أنه: "يبث في طلبات
النفقة باستعجال، وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن."
وقد أورد المشرع في المادة 190 من مدونة الأسرة :
"يتعين البث في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد"
كما هو جلي من خلال المادة فالمشرع أحاط قضايا النفقة
بضرورة البث فيها في أجل أقصاه شهر، ابتداء من تاريخ تقديم الطلب،مع العلم أن
المشرع لم يرتب جزاء على عدم احترام هذا الأجل[44]،
ويظهر كذلك من المادة 190 من مدونة الأسرة أن المشرع أورد مقتضيات يظهر منها رغبته
في إنهاء الكثير من مظاهر الممارسة العملية السائدة، والتي يطغى عليها التأخر في
الفصل في قضايا النفقة في كثير من الأحيان، مع أن موضوع النفقة لا يستحمل التأخر
لارتباطه بالمعيش اليومي، والأجل المنصوص عليه(أجل شهر) إنما هو أجل تحفيزي القصد
منه هو الاسراع في اصدار حكم النفقة، لذلك
ارتأينا أن تضاف فقرة ثالثة للمادة أعلاه يعين فيها جزاء القاضي في حالة عدم
الالتزام بالمدة المشار اليها.
الفقرة الثانية: خصوصيات تنفيذ أحكام
النفقة.
ينص الفصل 179مكرر من م.م على أنه:" يبث في طلبات
النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن ريثما يصدر
الحكم في موضوع دعوى النفقة، للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من
تاريخ طلبها...".
"عند قراءة هذا النص يتضح أن أحكام النفقة مشمولة
بالنفاذ المعجل القانوني،ولا تكون متوقفة على السلطة التقديرية للقاضي، بل تشمل
تلقائيا من طرف المحكمة لأنه نفاذ يجد سنده في القانون نفسه"[45]،
والمشرع تجاوب مع صاحب الحق في النفقة، بسبب إلمامه واقتناعه بالوضع المعيشي لمثل
هذه القضايا، والوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يتخبط فيه، والذي لا يحتمل
الانتظار باعتبار أن النفقة تعد مصدر عيش، وبالتالي وفي رأينا المتواضع نرى
أن المشرع المغربي وفق وكان اختياره
مصادفا للصواب حينما جعل أحكام النفقة مشمولة بالتنفيذ والبث المعجلين، بالرغم من أنه لم يشر لذلك بشكل صريح وإنما
بشكل ضمني فقط.
ولتأكيد ذلك جاء في المادة 191 من مدونة الأسرة بأن:
الحكم الصادر بتقدير النفقة، يبقى سار المفعول الى أن يصدر حكم آخر يحل محله، أو
يسقط حق المحكوم له في النفقة"، فالمشرع حدد فاعلية الحكم القاضي بالنفقة،
عندما قضى أن الاستئناف لا يؤثر في ايقافها، حتى يصدر حكم يحل محله.
وعلى هذا الأساس، إذا كانت الدعوى تتعلق بطلب النفقة،
"سواء كانت للزوجة أو لمحضونها"[46]
أو ممن تتوفر فيهم الصفة، وجب على المحكمة البث فيها باستعجال وفي هذا السياق ينص
المشرع الجزائري في المادة 57 مكرر من قانونه الأسري على ما يلي :"يجوز
للقاضي الفصل على وجه الاستعجال بموجب أمر على عريضة في جميع التدابير المؤقتة
ولاسيما ما تعلق منها بالنفقة والحضانة والزيارة والمسكن".
وقضت المحكمة العليا الجزائرية بأن "قاضي الاستعجال
مختص للحكم للزوجة وللأبناء بالنفقة قبل الفصل في الدعوى من حيث الموضوع"[47]
وحبذ لو نحى القضاء المغربي نفس المنحى عمليا.
ومما سبق يلاحظ أن النفقة جعلت لسد الرمق، ودواعي شمولها
بالنفاذ المعجل القانوني بادية لا تحتاج الى التدليلّ، وفيما يتعلق بالاختصاص الاستعجالي فيختص بها رئيس المحكمة
الابتدائية أو الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف حسب الأحوال[48].
المطلب الثاني: التنفيذ بين الاشكالات
والقواعد الزجرية
تطرح مسألة تنفيذ الحكم بالنفقة عدة مشاكل[49]،
لأن غاية المحكوم له ليست التوصل بحقه وإنما الاستفادة من مقتضياته في الواقع
الملموس[50].
وعليه سنقسم هذا المطلب لفقرتين الأولى نعالج
فيها الصعوبات التي تعترض تنفيذ حكم النفقة، والثانية نعالج فيها جزاء عدم تنفيذ
الحكم المتعلق بالنفقة .
الفقرة الأولى: اشكالات تنفيذ حكم النفقة.
تطرح قضايا النفقة إشكالات عدة على مستوى التطبيق العملي[51]،
إذ تشكل القضايا المذكورة النسبة الكبرى من عدد القضايا المعروضة على قضاء الأسرة،
لذلك يطرح تنفيذ أحكامها اشكالات كثيرة.
ومن أبرز الاشكالات المطروحة أن يكون منطوق
الحكم غامضا من حيث تحديد بداية سريان أداء النفقة أو اغفال التنصيص على تاريخ
نهاية فرض النفقة، فيطرح التساؤل حول الجهة التي يرجع اليها حل الاشكالية هل السيد
القاضي المكلف بالتنفيذ[52]،
أم المحكمة المصدرة للحكم أم فقط لمأمور اجراءات التنفيذ، كل هذا يؤخر عملية
التنفيذ وأداء النفقة التي يكون المحكوم لهم بها في أمس الحاجة اليها.
نضيف لذلك الاشكالية المتعلقة باقتطاع واجب
النفقة من المنبع[53]، ذلك أن
هناك بعض الاختلاف في مضمون منطوق الأحكام الصادرة بالاقتطاع، فإذا ما قضى الحكم
وهو الغالب بأن تؤدى النفقة ابتداءا من تاريخ سابق، فإن الاقتطاع يصبح عملية شبيهة بمسطرة الحجز لدى الغير إذا
عمد الخازن الى اقتطاع مبلغ أكثر من المحدد شهريا.
ويحدث غالبا أن تقضي المحكمة للأبناء بواجب
السكن في وقت يتواجدون فيه بسكن مملوك أو مكرى من طرف الأب، الأمر الذي يثيره
المحكوم عليه فيصعب على القاضي المشرف على التنفيذ أن يحسم في الأمر، كما أن السيد
الرئيس وبصفته قاضيا للمستعجلات يمنع عليه الأمر، فيبقى الأمر موقوفا على صدور
القرار الاستئنافي في حالة الطعن بالاستئناف.
ومن الاشكالات أيضا، أن المحكمة غالبا في
حكمها تنص على استمرار النفقة الى حين سقوطها شرعا، فيقع عمليا أن يصعب على مأمور
إجراءات التنفيذ الحسم في تاريخ السقوط
خاصة عندما يكون الطفل المحكوم بنفقته يدرس، وتدلي حاضنته بشهادة مدرسية.
وجدير بالذكر أن النطق بمجموعة من الأحكام
تنفيذا معلق على شرط أداء اليمين، يطرح أيضا اشكاليات عدة في حالة وفاة الزوج أو
مغادرته أرض الوطن، لذا فالواجب المسطري يتطلب الحكم بأداء اليمين قبل النطق
بالحكم، وذلك أمام المحكمة أو القاضي المكلف بالقضية.
وقد ترجع الصعوبة في تنفيذ حكم النفقة لعدم
وجود ما يحجز لدى الزوج من عقارات أو منقولات، إذ جاء في أحد محاضر المفوضين
القضائيين بأنه:" وبعد الطواف بالمحل الذي يشغله المعني بالأمرفي العنوان
المذكور...لم نجد للمعني بالأمر أي منقولات قابلة للحجز وكافية لضمان تسديد مبلغ
التنفيذ"[54]. وفي
محضر آخر جاء فيه :" ...وصرحت لنا بأن المعني بالأمر لا يتواجد في الوقت
الحالي، ومن أجل ضمان الوفاء فقد حاولنا القيام باجراءات الحجز التنفيذي إلا أن
السيدة صرحت لنا أن المنزل بما فيه في ملكية العائلة"[55].
وفي رأينا المتواضع نرى أن بعض الأزواج
يتهربون من أداء النفقة، بدريعة أن المادة
199 من مدونة الأسرة جعلت النفقة أيضا من نصيب الزوجة في حالة إعسار الزوج،
الأمرالذي يدفع البعض الى ممارسة كافة الطرق التدليسية لأجل بيان عسره.
ونتساءل هنا عن دور صندوق التكافل العائلي
كضمانة لتنفيذ حكم النفقة في حالة إعسار الزوج، فإن كان يهدف بالدرجة الأولى تحقيق
مسألة مهمة هي مسألة نفقة المطلقة وأبنائها، إلا أنه برجوعنا لمرسوم 2.11.195 نجده
حدد شروطا تكاد تكون تعجيزية، بالاظافة الى أن تحديد سقف هذا الصندوق في 350 درهما
للشهر،ونحن كأبناء لهذا الوطن نعلم علم اليقين بأن هذه المبالغ لا تسد الرمق
مقارنة مع غلاء المعيشة وارتفاع السومة الكرائية الى غيرها من التكاليف اليومية
للأطفال.
إن مؤاخذتنا على مخصصات صندوق التكافل
العائلي تتعلق بهزالة المبلغ المخصص حتى في حالة تعدد أفراد الأسرة الواحدة،
فيشترط ألا يتجاوز 1050 درهما لكل أسرة، وهذا فيه إجحاف حقيقي للأسر المعوزة، فكيف
يمكن لأم معوزة أن تعيل أسرة عدد أفرادها كبير بمبلغ 1050 درهما؟
كما تعرف النفقة إشكاليات على مستوى
التنفيذ، ذلك أن الكثير من أحكام النفقة تتعرض لصعوبات في التنفيذ ناتجة إما عن
عطالة الأزواج، أو عن ادعائهم هذه العطالة لاسيما بالنسبة للأعمال الحرة التي تدر
أموال طائلة لكن يصعب على الزوجة إثباتها، إضافة إلى أن المادة 191 من المدونة ابتدعت
طريقة جديدة للتنفيذ تدعى الاقتطاع من منبع الريع أو الأجرة، وهي مسطرة تختلط
بمسطرة الحجز لدى الغير لكن تعرف العديد من الصعوبات الإجرائية التي تجعل مفهومها معطلا.
وبالرغم من وجود مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 81 والتي تستدعي الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما، كما نصت المادة 43 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه يتعين بمقتضاها على المحامي أن يحث موكله على فض النزاع عن طرق الصلح، أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى وقبل اللجوء إلى القضاء، إلا أن الواقع أتبث صعوبة إجراء عملية الصلح المنصوص عليه بالنظر إلى الأعداد الكبيرة لقضايا الطلاق التي تبت فيها المحاكم كل يوم.
وبالرغم من وجود مسطرة الصلح المنصوص عليها في المادة 81 والتي تستدعي الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما، كما نصت المادة 43 من القانون المنظم لمهنة المحاماة على أنه يتعين بمقتضاها على المحامي أن يحث موكله على فض النزاع عن طرق الصلح، أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى وقبل اللجوء إلى القضاء، إلا أن الواقع أتبث صعوبة إجراء عملية الصلح المنصوص عليه بالنظر إلى الأعداد الكبيرة لقضايا الطلاق التي تبت فيها المحاكم كل يوم.
وتجدر الاشارة في الأخير الى أن ما
ذكر يشكل فقط جزءا من الاشكاليات التي تطرحها قضايا النفقة، الشيء الذي يفتح
المجال للبحث أكثر عن حلول لهذه الاشكاليات وغيرها، عن طريق عقد لقاءات هادفة الى
الحوار العلمي البناء في اطار تبادل الرأي، وتقبل الرأي الآخر بعيدا عن العصبية
وأنانية التشبت بالرأي.
الفقرة الثانية: جزاء عدم تنفيذ حكم
النفقة.
نظرا لأهمية النفقة في العناية بصحة الزوجة وحفظ
كرامتها،فإن المشرع المغربي تشدد في تنفيذ الأحكام الصادرة بها لفائدتها[56]،
وهكذا فالذي يتوقف عن الانفاق سواء كان الاب نفسه أم غيره من الملزمين بالانفاق
على الأبناء كالأم أو الوصي وغيرهم، فإذا استمر هذا التوقف شهرا وأثبت أن هذا
التوقف له عذر مقبول وليس تهربا عن سوء نية،فذاك، وإن لم يستطع إثبات ذلك فتطبق
عليه أحكام اهمال الأسرة.
وهكذا فإن الامساك عن النفقة لقيام جنحة اهمال الأسرة
يرتكز أساسا على حكم قضائي يحدد مبلغ النفقة امتنع الأب على تنفيذه خلال مدة شهر[57]،
ويتبين من خلال الفصلين 479و480 من مجموعة القانون الجنائي أن الزوج الذي يمتنع عن
أداء النفقة لزوجته بدون عذر،يحق لها أن تطلب من القاضي حبسه، ويجيبها على طلبها
كلما تبين له صحة ما تدعيه، فيحكم بالحبس من شهر واحد الى سنة وبغرامة من 200 الى
2000 درهم، وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى ما يلي: "بما أن الفصل 480 من
القانون الجنائي يعاقب عن الامتناع عن أداء النفقة بصفة عامة...الحكم الابتدائي
القاضي ببراءة طالب النقض من جنحة الامساك عن أداء النفقة المحكوم بها، بعلة أن
مستحقات الزوجة المتجلية في الصداق وأجرة الحضانة....يكون مشوبا بعيب فساد التعليل
وعرضة للنقض والابطال"[58].
هذا، ويجب لكي تتحقق جريمة إهمال الاسرة أن
يصدر في المتوقف عن أداء النفقة حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت وامتناع المحكوم
عليه عمدا عن الأداء، وقد حددت المادة 202 من مدونة الأسرة أجل شهر للمكلف بنفقة
الأولاد بأداء النفقة، وهذا الأداء يجب أن يكون كليا لا مجزأ، ونستحضر الفصل 365
من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أنه:"لا تقع المقاصة إذا كان أحد
الدينين نفقة". ولتحريك مسطرة
المتابعة، أوجب المشرع وجود شكوى من الشخص المهمل أو المستحق للنفقة أو نائبه
الشرعي.
خاتمة:
وختاما، يمكن القول أنه بعدما حاولنا الوقوف عند أحكام
النفقة في ضوء مدونة الأسرة، وبسط بعض مظاهر الحماية التشريعية لها، فإن نجاعتها
أو عدمها أحيانا ترتبطان بأمور لا صلة لها بمقتضيات القانون ولا بأحكام القضاء،
كالمعاكسات والعناد من جانب الخصوم والذي يرجع بالأساس الى تفاقم المشاكل
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بسبب الأزمات المتزايدة التي يعرفها العالم من حولنا.
ومن خلال دراستي لهذا الموضوع خلصت لمجموعة من التوصيات
والاقتراحات أوردها على الشكل التالي:
ü
ضرورة
وضع قانون إجرائي خاص بقضايا الأسرة من افتتاح الدعوى حتى نهايتها، يراعي الطبيعة
الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية لهذه القضايا سواء على مستوى الآجال أو الشروط
أو الكيفيات أو المتدخلين في أجرأة هذه القضايا.
ü
الإسراع
بتعديل القانون المتعلق بصندوق التكافل العائلي سواء على مستوى الفئات المستفيدة
أو المبالغ المخصصة لهذا الصندوق أو المسطرة المتبعة في كيفية الاستفادة.
ü
تدقيق
وتبسيط مسطرة الاقتطاع من منبع الأجر أو الريع حتى تؤدي وظيفتها التنفيذية بشكل
فعال.
ü
إعفاء
تنفيذ قضايا الأسرة من مصاريف التنفيذ وأتعاب المفوضين القضائيين، وتشديد العقوبات الزجرية في حق
المتهربين أو المتحايلين في تنفيذ أحكام وقرارات قضايا النفقة.
ü
تعديل
المادة 57 من قانون مهنة المحاماة والمتعلقة بكيفية سحب المبالغ المنفذة بواسطة
محام، وذلك بالتنصيص على آجال قانونية معقولة لاستخلاص تلك المبالغ كلما تعلق
الأمر بمستحقات النساء والأطفال.
ü
إظافة فقرة ثالثة للمادة 190 من مدونة الأسرة يعين فيها
جزاء عدم البث في قضايا النفقة في أجل شهر.
وصفوة القول،فإني حاولت قدر المستطاع أن أدلي بدلوي في
موضوع شيق وشاق، وإنه من دواعي سروري وحبوري أن خضت فيه وأسمتعت به وحاولت أن
أترجم عليه بعض أفكاري وتوصياتي، وأعتذر إن حصل
مني سهو أو إغفال غير مقصودين بحيث لم أوف كما ينبغي بما أوجبه النص.
الله المعين والموفق للصواب.
لائحة المراجع :
§
القرآن الكريم برواية ورش عن نافع.
الكتب:
§
عبد الكريم الطالب،الشرح العملي لقانون المسطرة
المدنية،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،الطبعة 9 يناير 2019.
§
محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة،المطبعة
والوراقة الوطنية مراكش،الطبعة 3.
§
محمد الأزهر،شرح مدونة الأسرة، مطبعة وراقة سعد الخير
الدار البيضاء،الطبعة 9،2018.
§
محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر
الحمدني،القاهرة، طبعة 1957.
§
هدى بو الهند، اختصاصات رؤساء المحاكم، مطبعة الأمنية
الرباط، الطبعة الأولى 2019.
الأطروحات والرسائل الجامعية:
§
حسن زرداني،صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي
والمقارن،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية الحقوق الدار البيضاء،2005-2006.
§
بوصري بلقاسم محمد، طرق التنفيذ من الناحية المدنية،
أطروحة لنيل الدكتوراه،جامعة محمد خيضر بسكرة-الجزائر-، 2014-2015.
§
عبد الرحمان قاسمي، قضاء الأسرة ودوره في تفعيل مبدأ حسن
النية-الزواج والطلاق نموذجا-، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية
الحقوق طنجة،2007-2008.
§
محمد أمزيان، القضاء المستعجل في القضايا
الأسرية-الحضانة والنفقة نموذجا-، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، كلية
الحقوق وجدة، 2008-2009.
§
هجر شبيه ومحمد الزرزاري، أحكام المتعة والتعويض على ضوء
العمل القضائي،بحث نهاية التخرج بالمعهد العالي للقضاء،2013-2015.
المقالات:
§
يوسف كرواوي، جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه
بالنفقة لزوجته بين الفقه الاسلامي والتقنين المغربي،مقال منشور بمجلة القصر،العدد
26.
§
يوسف كرواوي، مسطرة تنفيذ الحكم بنفقة الزوجة،مقال منشور
بمجلة القصر،العدد 25.
§
محمد أمزيان، التنفيذ المعجل للأحكام الأسرية،مقال منشور
بمجلة الأبحاث والدراسات القانونية،العدد 5.
§
محمد الغماد، صعوبة التنفيذ، مقال منشور بمجلة الملحق
القضائي، العدد 7-8.
§
فؤاد مسرة،اشكالات النفقة بين النص والتطبيق، مقال منشور
بمجلة كتابة الضبط، العدد 16.
§
المنتصر الداوداي، الصعوبات والاشكالات الناتجة عن
التنفيذ، مقال منشور بمجلة رابطة القضاة،العدد 8-9.
§
محمد محبوبي،مؤسسة قاضي التنفيذ كآلية لاستعادة هيبة
الأحكام القضائية، مقال منشور بالمجلة المغربية للمحامي الباحث،العدد الأول.
§
نور الدين الواهلي، رصد لبعض الاشكاليات العملية التي
أفرزها تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة على مستوى المحكمة الابتدائية بالرماني بعد ست
سنوات ونصف من التطبيق،مقال منشور بسلسلة مستجدات مدونة الأسرة وتطبيقاتها
العملية، العدد الأول.
مارية
أصواب، بعض اشكاليات التنفيذ للأحكام الصادرة عن قسم قضاء الأسرة،مقال منشور
بسلسلة مستجدات مدونة الأسرة وتطبيقاتها العملية، العدد الأول.
[1] ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ
القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة.
[3] خطاب صاحب الجلالة محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية
للبرلمان والمعتمدة بمثابة ديباجة لمدونة الأسرة.
[4] محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة، مطبعة وراقة سعد الخير الدار البيضاء،
الطبعة التاسعة 2018، ص307
[5] عبد الرحمان
قاسمي،قضاء الأسرة ودوره في تفعيل مبدأ حسن النية-الزواج والطلاق نموذجا-، رسالة
لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي،طنجة،
2008\2007 ص 8 .
[6] سورة البقرة، الآية 19
[7] سورة المنافقون، الآية 10
[8] محمد الشافعي، الزواج وانحلاله في مدونة الأسرة، المطبعة والوراقة الوطنية
مراكش، الطبعة الثالثة، ص134
[9] أورده الأستاذ الشافعي،
م.س. ص138
[10] فؤاد مسرة،
إشكالية النفقة بين النص والتطبيق، مقال منشور بمجلة كتابة الضبط،عدد16
[11] قرار رقم
2055 صادر بتاريخ 2005\12\28،(غير منشور)، أورده أستاذنا فؤاد مسرة،م.س
[12] محمد الأزهر، مرجع سابق،
ص312
[13] حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بزاكورة، صادر
بتاريخ 2015\11\12 عدد 2013\70 (غير منشور)
[14] حكم المحكمة الابتدائية
بتارودانت، صادر بتاريخ 2011\05\09 عدد 10\241 (غير منشور).
[15] حكم المحكمة الابتدائية
بتارودانت، صادر بتاريخ 2011\09\05 عدد
2011\89 (غير منشور).
[16] قرار عدد 4
صادر بتاريخ 06 يناير 2015 ملف عدد 2014\1\2\307 (منشور بجريدة
"القانونية").
[17] فؤاد مسرة،
م.س ص136
[18] هجر
شبيه،محمد الزرزاري، أحكام المتعة والتعويض على ضوء العمل القضائي،بحث نهاية
التدريب بالمعهد العالي للقضاء،2013\2015
[20] عبد الرحمان
قاسمي، م,س ص19
[21] حكم المحكمة الابتدائية
بأزيلال(قسم قضاء الأسرة) رقم 11-09-453 بتاريخ 2010\01\07 (غير منشور).
[22] حكم المحكمة الابتدائية
بأزيلال رقم 11\09\481 بتاريخ 2010\01\21
(غير منشور)
[23] قرار المجلس الأعلى صادر
بتاريخ 2009\1\28 ملف عدد 2008\1\2\268 تحت عدد 40 (منشور بمجلة مغرب القانون)
[24] عبد الكريم
الطالب،الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء
ط.9 يناير 2019
[25] سنفصل في
هذه الضمانات في المبحث الثاني من بحثنا المتواضع هذا.
[26] محمد
الشافعي، مرجع سابق ، ص 134
[27] محمد الأزهر ، م.س ص 308
[28] سورة الطلاق،
الآية 7
[34]
أخرجه الإمام أحمد.
[35]
محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، دار الفكر العربي، مطبعة الحمدني، القاهرة
ط 1957 ص 413 و414
[36] جاء في هذه
المادة: تستمر نفقة الأب على أولاده الى حين بلوغهم سن الرشد، أو اتمام الخامسة
والعشرين بالنسبة لمن يتابع دراسته، وفي كل الأحوال لا تسقط نفقة البنت إلا
بتوفرها على الكسب او بوجوب نفقتها على زوجها.
[37] حكم المحكمة
الابتدائية بمراكش عدد 293، بتاريخ 27\02\2018 ملف 12\1606\2018 (غير منشور).
[38] حكم المحكمة
الابتدائية بمراكش عدد 372 ملف 16\1606\2018 بتاريخ 15\3\2018 (غير منشور).
[39] حكم المحكمة
الابتدائية بمراكش عدد 488، ملف 19\1606\2018 بتاريخ 5\4\2018 (غير منشور).
[40] مقتطف من
خطاب صاحب الجلالة محمد السادس خلال ترؤسه افتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى
للقضاء.
[41] محمد
الغماد، صعوبة التنفيذ، مقال منشور بمجلة الملحق القضائي، العدد 7\8 فبراير 1983
ص.108
[42] جاء في هذا
الفصل:" يكون الاختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى
عليه..."
[43] يوسف
كرواوي، مسطرة تنفيذ الحكم بنفقة الزوجة، مقال منشور بمجلة القصر، العدد 25، ص.44.
[44] وفي رأينا
المتواضع نرى أنه حري بالمشرع المغربي تعديل المادة 190 من مدونة الأسرة وذلك
باظافة فقرة ثالثة يعين فيها جزاء عدم البث في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل
الشهر.
[45] محمد
أمزيان، التنفيذ المعجل للأحكام الأسرية، مقال منشور بمجلة الأبحاث والدراسات
القانونية، عدد 5 ، 2015 ص.261
[46] محمد
أمزيان، م.س ص 264
[47] قرار في ملف
333042 صادر بتاريخ 2005\01\19 منشور بمجلة المحكمة العليا، العدد الأول 2005
ص.175.
[48] حسن
الزرداني، صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن، أطروحة لنيل
الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني،الدار البيضاء، 2005\2006 ص:34
[49] محمد
الأزهر، م.س ص:317
[50] هدى بو
الهند، اختصاصات رؤساء المحاكم، مطبعة الأمنية، الرباط، طبعة 2019، ص:111
[51] نور الدين
الواهلي، رصد لبعض الاشكاليات التي أفرزها تفعيل مقتضيات الأسرة على مستوى المحكمة
الابتدائية بالرماني بعد ست سنوات ونصف من التطبيق، مقال منشور بسلسلة مستجدات
مدونة الأسرة وتطبيقاتها العملية، العدد الثاني201 ،ص.89
[52] للمزيد حول
قاضي التنفيذ يراجع : محمد محبوبي، مؤسسة قاضي التنفيذ كألية لإستعادة هيبة
الأحكام القضائية،مقال منشور بالمجلة المغربية للمحامي الباحث،ص.101
[53] مارية
أصواب، بعض اشكالبات التنفيذ للأحكام الصادرة عن قسم قضاء الأسرة، مقال منشور
بسلسلة مستجدات مدونة الأسرة، العدد الثاني، 2010 ص.123
[54] المفوض
مولاي علي الادريسي،محضر عدم وجود ما يحجز، في الملف التنفيذي عدد 2018\117 ملف
شرعي عدد 1011\1606\2017 مراكش(غير منشور)
[55] المفوض مراد
الفزاري، محضر امتناع وعدم وجود ما يحجز، ملف تنفيذي عدد 99\2018، في الحكم الشرعي
عدد 26\09\2017 مراكش (غير منشور).
[56] يوسف
كرواوي،جزاء عدم تنفيذ الزوج للحكم القاضي عليه بالنفقة لزوجته بين الفقه الاسلامي
والتقنين المغربي،مقال منشور بمجلة القصر،عدد26 ص.107
[57] محمد الأزهر،
مرجع سابق، ص.330.
[58] قرار محكمة
النقض عدد 11\327 مؤرخ في 13\04\2017 في الملف الجنحي عدد 11507\6\11\2016 منشور
بمجلة مغرب القانون الالكترونية.
* باحث في
العلوم القانونية ومهتم بالشؤون الأسرية.