-->
موقع العدالة المغربية موقع العدالة المغربية
مقالات

آخر المستجدات

مقالات
مقالات
جاري التحميل ...

هل عجز القانون أمام بلوكاج مجلس جهة كلميم وادنون...؟ بوبكر امزياني | موقع العدالة المغربية

بوبكر امزياني
باحث في العلوم القانونية
www.justicemaroc.com

منذ أزيد من ثلاثة سنوات ومجلس جهة كلميم واد نون يرفض أداء دوره الدستوري المتمثل في تفعيل السياسة العامة للدولة واعداد السياسات الترابية لصالح المواطنين، فطوال هذه المدة وهذا المجلس يقبع في حالة رفض القيام بالأعمال المنوطة به.
فهذا المجلس رفض تنفيذ الميزانية العامة للجهة، رفض التداول في مشاريع الجهة التي لها علاقة مباشرة بمصالح المواطنين، ورفض تمرير الاتفاقيات التي تم توقيعها أمام انظار الملك، بل أكثر من ذلك تم الإجهاض الكلي لكافة الدوارات العادية والاستثنائية التي بموجبها يمكن مناقشة وتمرير هذا المشاريع والاتفاقيات.
وأمام هذا التقاعس والامتناع عن ممارسة الاختصاصات التي خصص لها المشرع قسم خاص بها في القانون رقم 111.14 المنظم للجهات، يكون فعلا هذا المجلس في حالة رفض القيام بالأعمال المنوطة به، الأمر الذي يستوجب حله طبقا للمادة 76 من القانون المنظم للجهات[1]، وتداعيات هذه الحالة في واقع الحال تمس بحقوق ومصالح المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في هذا المجلس للنهوض بأشغالهم، وتنمية مناطق جهتهم تكريسا للجهوية التي كرسها دستور [2]2011.
إذن نحن أمام مجلس رفض القيام بالأعمال المنوطة به، وهي جريمة مكتملة الأركان في حق مواطني هذه الجهة.
فما هي تجليات اكتمال أركان حالة الرفض، أو أركان حالة الامتناع عن القيام بالأعمال المنوطة بهذا المجلس؟
أولا: الركن المادي في حالة الرفض الموجبة للحل
الركن المادي لهذه الحالة يتمثل في فشل أغلب الدورات العادية والاستثنائية التي عقدها هذا المجلس بالمقارنة مع المجالس الجهوية الأخرى التي حققت تقدما في هذا الشأن، هذا الفشل أسفر عن رفض جميع الاتفاقيات، وتعويق كل المشاريع التي كان من المفروض التصويت عليها بالإجماع لأهميتها القصوى في تنمية الجهة، كمشروع تهيئ وتوسيع المراكز الاستشفائية بالجهة التي تعرف مشاكل مهولة لا تطاق في الميدان الصحي خصوصا على المستوى الجماعات كالجماعة الترابية لتغجيحجت التي يقطن فيها أزيد من 15 ألف نسمة وبلا طبيب قار بمركزها الصحي، والجماعة الترابية لبيوزكارن، بالإضافة الى مشاريع البنية التحية والمنشئات المائية، ومشروع تمديد المركز الجامعي، وكذا المشاريع والاتفاقيات التي تم توقيعها أمام انظار الملك وهلم جرا...، وأمام هذا الفشل والعجز الكلي على تمرير هذه المشاريع نكون أمام الركن المادي لحالة الرفض التي تستوجب حل هذا المجلس طبقا للمادة 76 من القانون المنظم للجهات.
ثانيا: الركن المعنوي لحالة الرفض الموجبة للحل
 يتجلى هذا الركن في النية الظاهرة لدى أحد مكونات مجلس جهة كلميم في اتجاه تعطيل مصالح المواطنين عمدا، وهذا الأمر عبر عنه رئيس الجهة صراحة، وفي أكثر من مرة، وبشكل علني في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي المقابلات المسموعة والمرئية، حيث صرح بأن هناك نية حقيقية لدى معارضة المجلس تتجه في اتجاه تعطيل مشاريع الجهة ، وهذا القول أو هذه النية موجودة لدى المجلس كله أغلبية ومعارضة، لأنه لا يمكن تجزيئ المجلس من مكون مكوناته، ولا يمكن تنزيه مكون، وشيطنة مكون، فالمجلس يبقى مجلسا بمعارضته وأغلبيته وما الرئيس إلا ناطقا باسمهما جميعا،[3] سواء كان المعرقل من الأغلبية أو كان من المعارضة.
 ثالثا: العلاقة السببية
 عادة ما تتوج العلاقة السببية بالنتيجة، والنتيجة عادة في الميدان الجنائي، أي في جرائم القتل مثلا تكون هي ازهاق الروح، وفي جرائم السرقة تكون النتيجة هي مصادرة حق الملكية من الشخص المسروق بفعل السارق .
أما النتيجة في "حالة الرفض" التي يتواجد فيها مجلس جهة كلميم واد نون هي لا تقل خطورة عن نتيجة مصادرة حق الملكية في جرائم السرقة، ونتيجة ازهاق الروح في جرائم القتل، بل تتعداهما لأن الذين صدر منهم الحق، وازهقت أرواحهم بفعل هذه المصادرة كثيرون ويتعلق الأمر بالألاف من المواطنين وليس فرد واحد أو اثنين أو ثلاثة، وهذا ينافي مقتضيات القانون التنظيمي للجهات، وينافي مقتضيات الفصل 31 من الدستور.[4]
عموما فنتائج امتناع مجلس جهة كلميم وادنون عن القيام بالأعمال المنوطة به تتمثل فيما يلي :
-       التعطيل والاستهتار بمصالح المواطنين وحرمانهم من فرص التنمية؛
-       ضياع أصوات المنتخبين واتخاذها مطية لتصفية حسابات حزبية ضيقة؛
-       تضييق الخناق على الحقوق التي يكفلها الدستور للمواطنين في مجال التنمية والنهوض بمصالحهم؛
-       تصدير الصراعات المجانية لبعض الجماعات الترابية الاخرى التابعة للجهة؛
إذن نحن أمام مجلس جهة يتواجد في حالة الرفض الكلي، وهذه الحالة غير مستعصية على القانون وليست ثغرة من ثغرات القانون لكي يتوارى المجلس خلفها، بل هي حالة لها عقوبة خاصة فريدة من نوعها في القانون رقم 111.14 المنظم للجهات، حيث جاء في المادة 76 من هذا القانون: " إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به ...أمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الامر إلى المحكمة الادارية من أجل حل المجلس "
وجاء أيضا في المادة 75 من القانون نفسه ما يلي : " إذا كانت مصالح الجهة مهددة لأسباب تمس بحسن سير مجلس الجهة جاز للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الأمر إلى المحكمة الادارية من أجل حل المجلس"
وجاء في الفصل 145 من الدستور ما يلي: "يعمل الولاة والعمال باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون"
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الاركان العامة لحالة الرفض الموجبة للحل قد تحققت كلها بدون استثناء ، كما اتضح لنا أيضا من خلال النصين أن عقوبة حالة الرفض هي حل المجلس بمقتضى الاحالة على المحكمة الادارية والأمر بإعادة انتخابه من جديد.
بل أبعد من ذلك يتعين على الولي إنذار المجلس بضرورة مزاولة العمل المنوط به، وفي حالة عدم الاستجابة داخل اجل 15 يوما يتم رفع الأمر إلى القضاء الاستعجالي ليبث في الأمر داخل أجل 48 ساعة [5].
ويبقى التساؤل المطروح بعد كل هذه النصوص القانونية هو: من الذي منع السيد ولي جهة كلميم واد نون إلى حدود الساعة بصفته ممثلا للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية من إحالة القضية على المحكمة الادارية من أجل تخليص الجهة من هذا المجلس العقيم الذي تواجد في حالة الرفض منذ مدة، بل وينادي بنفسه بالخلاص؟
فالقانون واضح جدا في هذه المسألة، ويتحمل ولي هذه الجهة مسؤوليته الدستورية، لأنه لا يمكن في حال من الأحوال تعطيل مصالح الجهة كلها تحت مسميات منافية للقانون، فهذا المجلس بعد كل هذه المدة من التعويق ينزل منزلة الممتنع عن القيام بالأعمال المنوطة به، وبالتالي يجب حله والدعوة إلى انتخابات جديدة حرة ونزيهة.

الهامش 

[1] - جاء في هذه المادة 76 ما يلي: " إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به ...أمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الامر إلى المحكمة الادارية من أجل حل المجلس
[2] - جاء في الفصل 153 من الدستور ما يلي: الجماعات الترابية للملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات
الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام، تسير شؤونها بكيفية ديمقراطية..."
[3]  - انظر المادة 20 من القانون التنظيمي للجهات.
[4]  - جاء في هذا الفصل ما يلي: تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساوات من الحق في:
- العلاج والعناية
- الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية
- الشغل والدعم
- ولوج الوظائف العمومية
- ............
[5]  - انظر المادة 79 من القانون المنظم للجهات.

عن الكاتب

justicemaroc

التعليقات

>

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابعونا على الفيسبوك

موقع العدالة المغربية

موقع العدالة المغربية، موقع مغربي غايته نشر العلم والمعرفة القانونية بين الطلبة والباحثين في المجال القانوني، يمكنكم المساهمة معنا في إثراء الساحة القانونية عبر إرسال مساهماتكم إلى البريد الإلكتروني التالي: contact@marocjustice.com
موقع العدالة المغربية، رفيقك إلى النجاح في الدراسات القانونية

جميع الحقوق محفوظة

موقع العدالة المغربية