-->
موقع العدالة المغربية موقع العدالة المغربية
مقالات

آخر المستجدات

مقالات
مقالات
جاري التحميل ...

النظام القانوني للاسترجاع في ضوء قانون الجنسية المغربي، محمد قاسمي | موقع العدالة المغربية

محمد قاسمي
باحث في العلوم القانونية
www.jisticemaroc.com
مقدمة:
يعتبر استرجاع الجنسية إجراء قانوني بموجبه يسترجع الشخص جنسيته التي كان يتمتع بها قبل أن يفقدها لسبب من أسباب الفقد.  كأن يكون الشخص قد فقد جنسيته الأصلية بعد تجنس أبيه بجنسية دولة أجنبية، أو تكون قد سحبت منه، أو يكون الفقد نتيجة عمل إرادي من جانبه، كما هو الحال بالنسبة للمغربية التي تفقد جنسيتها أملا في زواجها من أجنبي وصدور الموافقة بفقدها من الجهات المختصة.
فقانون الجنسية المغربي يجيز لكل شخص فقد جنسيته المغربية الأصلية لسبب من أسباب الفقد أن يسترجعها فيما بعد إن رغب في ذلك.[1]
وهنا يطرح الإشكال حول الكيفية التي تعامل بها المشرع المغربي مع الراغب في استرجاع الجنسية؟ وعن السبيل الذي يجب عليه أن يتبعه لاسترجاعها؟ وكذا عن طبيعة الجنسية المسترجعة هل هي أصلية أم مكتسبة؟
وعلى العموم فإن المشرع المغربي أخضع استرجاع الجنسية المغربية لمجموعة من الشروط منها ما هو موضوعي ومنها ما هو شكلي (المطلب الأول) في حين رتب عن استرجاع هذه الجنسية مجموعة من الآثار الفردية والجماعية (المطلب الثاني).
المطلب الأول : شروط استرجاع الجنسية المغربية            
ينص الفصل 15 من قانون الجنسية المغربية على أنه :  " يمكن تخويل استرجاع الجنسية المغربية بموجب مرسوم لكل شخص كان متمتعا بها كجنسية أصلية عندما يطلب ذلك، تطبق في باب استرجاع الجنسية المقتضيات المقررة في الفصل الرابع عشر من هذا القانون ".
بناء على هذا الفصل يجوز لفاقد الجنسية المغربية أن يستردها إذا توافرت مجموعة من الشروط بعضها موضوعي) الفقرة الأولى( والبعض الآخر شكلي) الفقرة الثانية( .
الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لاسترجاع الجنسية
تتجلى الشروط الموضوعية في كون الجنسية السابقة جنسية مغربية أصلية (أولا) ثم كون الفقد قد تم طبقا للأحوال المنصوص عليها قانونا (ثانيا).
أولا : أن تكون جنسية الشخص السابقة جنسية مغربية أصلية
لا مجال للاستفادة من الاسترجاع ممن كانت له جنسية مغربية مكتسبة، ففي هذه الحالة ففاقد الجنسية المكتسبة لا يمكنه سوى طلب التجنيس.
ويثار في هذا المقام تساؤل حول طبيعة الجنسية المسترجعة فيما إذا كانت أصلية أو مكتسبة ؟
في هذا الصدد اختلف بعض الفقه في الإجابة عن هذا التساؤل حيث نجده ينقسم إلى فريقين:
الفريق الأول : يرى أن استرجاع الجنسية لا يعد طريقا من طرق اكتساب الجنسية، وإنما محل هذا الاسترجاع هو الجنسية الأصلية.
لكن يبدو أن اعتبار الجنسية المسترجعة جنسية أصلية أمر قابل للنقاش، على أساس أن استرجاع الجنسية يقتضي توفر بعض الشروط التي تتنافى مع طبيعة الجنسية الأصلية. فالاسترجاع يتوقف على رغبة المعني بالأمر في استرداد جنسيته، وعلى موافقة السلطة الحكومية المختصة على طلب الاسترداد. ومن المعلوم أن الشروط التي من هذا القبيل لا محل لها في الجنسية الأصلية التي لا تتطلب تعبير الشخص عن رغبته فيها، وإنما تفرض عليه فرضا وتسند له مند ولادته ونتيجة لانحداره من أصول وطنيين، إضافة إلى أن إسنادها لا يرجع لتقدير السلطة العامة المختصة ولا ينبني على نشر مستند أو وثيقة التجنيس في الجريدة الرسمية.[2]
الفريق الثاني : يذهب إلى أن طبيعة الجنسية المسترجعة هي جنسية مكتسبة وليست جنسية أصلية، وحجته في ذلك أن المشرع المغربي نظم الاسترجاع ضمن الأحكام المنظمة للجنسية المكتسبة وليس ضمن الأحكام المنظمة للجنسية الأصلية[3].
وبدورنا نؤيد التوجه الثاني القائل بأن الجنسية المسترجعة بمثابة جنسية مكتسبة، ودليلنا في ذلك أن استرجاع هذه الجنسية يتوقف على السلطة التقديرية للجهة المختصة، كما أنها تخضع لمسطرة التجريد التي تسري على الجنسية المكتسبة بوجه عام.
ثانيا : أن يكون الفقد قد تم طبقا للأحوال المنصوص عليها في قانون الجنسية
رغم أن المشرع لم يبين في الفصل 15 المذكور سابقا كيفية زوال الجنسية المغربية عن مسترجعها، ولكن. يفهم بداهة أن المقصود هو زوالها بطريق الفقد والتخلي الإرادي، لأن زوالها بطريق التجريد والسحب لا يكون إلا في حق من اكتسبوا الجنسية المغربية دون سواهم سواء كان ذلك بحكم القانون أم بالتجنيس أم بالاسترجاع.[4]
ومن الملاحظ أن المشرع تعامل مع سالكي هذه الطريقة بنوع من الليونة إذ لم يشترط عليهم الإقامة في المغرب كما هو الحال بالنسبة لباقي طرق الاكتساب وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى ارتباط المغرب بمواطنيه ولو تعددت جنسياتهم.
وقد أشار الفصل 19 من قانون الجنسية إلى الحالات التي سمح فيها المشرع للشخص المطالبة باسترجاع الجنسية المغربية بعد فقدها والمتمثلة أساسا فيما يلي:  
       المغربي الراشد الذي اكتسب عن طواعية في الخارج جنسية أصلية والذي تخلى عن الجنسية المغربية بناء على طلبه وموافقة السلطة المختصة شريطة أن يكون متمتعا بالجنسية الأصلية قبل الفقد.
       المغربي ولو كان قاصرا الذي له جنسية أجنبية أصلية والذي تخلى عن الجنسية المغربية بناء على طلبه وموافقة السلطة المختصة شريطة أن يكون حاملا قبل الفقد للجنسية الأصلية.  
       المرأة المغربية التي تتزوج من رجل أجنبي وتكتسب بحكم زواجها جنسية زوجها والتي تخلت عن الجنسية المغربية الأصلية بناءا على طلبها وموافقة الجهة المختصة قبل فقدها.
       المغربي الذي فقد جنسيته الأصلية نتيجة اشتغاله في وظيفة في مصلحة عمومية أو جيش أجنبي إذا كان هذا الشغل يتعارض مع مصلحة المغرب شريطة أن يكون حاملا قبل الفقد للجنسية الأصلية.
لقد حصر التقنين المغربي حالات استرجاع الجنسية على سبيل الحصر في المادة 19 من قانون 62.06، وهي محددة أساسا في أربع حالات يؤدي تحقق أحدها إلى اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الاسترجاع، وذلك بسلوك مساطر إجرائية، تبتدئ بالإفصاح عن الرغبة في استرجاع هذه الجنسية، وهذه الإجراءات الشكلية هي موضوع الفقرة الثانية.
الفقرة الثانية: الشروط الشكلية للاسترجاع
تتمثل هذه الشروط في تقديم طلب الاسترجاع إلى السيد وزير العدل، وأن يكون هذا الطلب مصحوبا حسب الفصل 25 من قانون الجنسية بالشهادات والوثائق والمستندات التي تثبت استيفاءه للشروط المتطلبة قانونا، هذا فيما إذا كان المعني بالأمر يقطن بالمغرب. 
أما إذا كان طالب الاسترجاع يقطن في الخارج، فيمكنه أن يقدم طلبه إلى ممثلي المغرب الدبلوماسيين أو القنصليين ويتم النظر في طلبات الاسترجاع من طرف الجهة المختصة بحيث إذا نصت بالموافقة على الطلب فإن هذه الموافقة تتم بموجب مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء وينشر في الجريدة الرسمية[5].
المطلب الثاني : آثار اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الاسترجاع
كلما استوفى طلب الاسترجاع كل الشروط القانونية المشار إليها في المطلب السالف،سواء موضوعية كانت أو شكلية وحضي بموافقة الجهة المختصة المتمثلة في موافقة وزير العدل ونشر مرسوم الاسترجاع في الجريدة الرسمية، إلا وترتب على ذلك جملة من الآثار منها ما هو فردي ) الفقرة الأولى( ومنها ما هو جماعي)  الفقرة الثانية(.
الفقرة الأولى: الآثار الفردية للاسترجاع
انطلاقا من الفصل 16 من قانون الجنسية المغربي، فينتج عن اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الاسترجاع أثار تمس في جوهرها الشخص المكتسب لهذه الجنسية.
وتتمثل هذه الآثار في كون المسترجع يصبح حاملا للجنسية المغربية بمجرد نشر المرسوم المتضمن للموافقة على  الاسترجاع بالجريدة الرسمية.
وابتداء من تاريخ هذا النشر يحق لمسترجع الجنسية المغربية التمتع بكافة الحقوق السياسية دون قيد أو شرط كتلك الواردة في اكتساب الجنسية عن طريق التجنيس.
وبالتالي فالمسترجع لا يخضع لفترة الريبة التي يخضع لها المجنسون والتي يحرمون خلالها من بعض الحقوق الوطنية كما سبقت الإشارة إليه في المبحث الأول.
الفقرة الثانية : الآثار الجماعية للاسترجاع
حسب الفصل 18 في فقرته الثانية من قانون الجنسية فإن استرجاع الجنسية المغربية يرتب بعض الآثار الجماعية ويتعلق الأمر بأولاد المعني بالأمر، حيث يسترجعون الجنسية المغربية بتحقق شروط ثلاث:  
          أن هؤلاء الأولاد قاصرين.
          غير متزوجين حتى تمتد الجنسية فقط داخل أسرة الشخص الذي استرجع الجنسية المغربية.
          أن يكون مقيمين فعلا معه.
يتضح من مضمون الفقرة الثانية من الفصل 18 أن هناك أثار جماعية تترتب على استرجاع الشخص للجنسية - والتي سبق له أن فقدها- عدة آثار جماعية تتمثل بالأساس في استرجاع الجنسية كذلك بالنسبة لأولاد الشخص الذي استرجعها وذلك عن طريق التبعية، لكن استرجاع أولاد المسترجع للجنسية يجب أن يكون محفوفا ببعض الشروط التي لا غنى عنها أهمها أن يكون الأبناء قاصرين، غير بالغين سن الرشد حسب المادة 209 من المدونة، كذلك يجب أن يكون هؤلاء الأولاد غير متزوجين، بالإضافة إلى أن يكونوا قد أقاموا مع والدهم الذي استرجع الجنسية في موطنه أو محل إقامته.
خاتمة:
من خلال دراستنا لموضوع الجنسية المكتسبة عن طريق الاسترجاع نخلص للخلاصات التالية: 
  •        استرجاع الجنسية إجراء قانوني بموجبه يسترجع الشخص جنسيته التي كان يتمتع بها قبل أن يفقدها لسبب من الأسباب المنصوص عليها في قانون الجنسية المغربي.
  •      طبيعة الجنسية المسترجعة هي جنسية مكتسبة وليست جنسية أصلية، والسند في ذلك أن المشرع المغربي نظم الاسترجاع ضمن الأحكام المنظمة للجنسية المكتسبة وليس ضمن الأحكام المنظمة للجنسية الأصلية، حتى وإن كان هناك خلاف فقهي حول الأمر.
  •        حصر التقنين المغربي حالات استرجاع الجنسية على سبيل الحصر في المادة 19 من قانون 62.06، وهي محددة أساسا في أربع حالات يؤدي تحقق أحدها إلى اكتساب الجنسية المغربية عن طريق الاسترجاع، وذلك عن طريق سلوك مساطر إجرائية محددة تبتدئ من تقديم الطلب للجهات المختصة بعد تحقق الشروط وصدور مرسوم بعد ذلك بالموافقة على الاسترجاع ونشره في الجريدة الرسمية .

ينتج عن الاسترجاع مجموعة من الآثار الفردية والجماعية، وهي الوارد في الفصلين 16 و 18 من قانون الجنسية المغربي.

•• الهامش ••

[1]ذة: نورة غزلان الشنيوي، القانون الدولي الخاص المغربي، الجزء الأول، بحث في الجنسية المغربية مع أخر المستجدات، الطبعة الثالثة لسنة 2012، مطبعة عالم المستقبل، أكادير، ص 129.
[2]  د:يعيش الفارسي، محاضرات في قانون الجنسية المغربية، ملقاة على طلبة الفصل الثالث الموسم الجامعي 2012.2013، ص، 50.
[3]  د: عبد الرزاق، الوجيز في القانون الدولي الخاص، الجزء الأول، مطبعة قرطبة، حي السلام أكادير 2015، ص151/152.
[4]  د: محمد المهدي،الجنسية المغربية في ضوء قانون 62.06، الطبعة الثالثة 2014، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، ص 130.
[5]  د: أيوب عبد الرزاق، الوجيز في القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص157.

عن الكاتب

منتدى ماستر التقنيات البديلة لحل المنازعات

التعليقات

>

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابعونا على الفيسبوك

موقع العدالة المغربية

موقع العدالة المغربية، موقع مغربي غايته نشر العلم والمعرفة القانونية بين الطلبة والباحثين في المجال القانوني، يمكنكم المساهمة معنا في إثراء الساحة القانونية عبر إرسال مساهماتكم إلى البريد الإلكتروني التالي: contact@marocjustice.com
موقع العدالة المغربية، رفيقك إلى النجاح في الدراسات القانونية

جميع الحقوق محفوظة

موقع العدالة المغربية