-->
موقع العدالة المغربية موقع العدالة المغربية
مقالات

آخر المستجدات

مقالات
مقالات
جاري التحميل ...

تعليق على قرار محكمة الاستئناف بطنجة رقم 8 صادر بتاريخ 26 يناير 2011 ملف عدد357-1124-2010 | موقع العدالة المغربية

ذ. عبد الحق الحطاب
باحث في الشؤون القانونية
عضو المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية
الكاتب العام للمنتدى الوطني لأطر الإدارة القضائية الباحثين
موقع العدالة المغربية www.justicemaroc.com 

أولا النص الكامل للقرار
المملكة المغربية
وزارة العدل
محكمة الاستئناف بطنجة
غرفة المشورة
قرار رقم 8
صادر بتاريخ 26 يناير 2011
ملف عدد 357-1124-2010
باسم جلالة الملك
أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة
بتاريخ 21 صفر 1432 موافق 26 يناير 2011 و هي تبت في غرفة المشورة مؤلفة من السادة
-.....................................رئيسا
-....................................مستشارا مقررا
-...................................مستشارا
-...................................مستشارا
-..................................ممثل النيابة العامة
- بحضور ........................ممثل النيابة العامة
- و بمساعدة.....................كاتب الضبط
القرار التالي
بين            السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة
بوصفه طالب الطعن
-       من جهة –
و بين       1- الأستاذ.................المحامي بهيئة طنجة
             2- مجلس هيئة المحامين بطنجة
بوصفهما مطلوبا ضدهما
-       من جهة أخرى-
بناء على الطعن و المقرر المطعون فيه و مجموع الوثائق المدرجة بالملف.
و بناء على تقرير السيد المستشار المقرر الذي لم تقع تلاوته في الجلسة بإعفائه من الرئيس و عدم معارضة الطرفين.
و بناء على الأمر بالاستدعاء لجلسة 15 دجنبر 2010 و المبلغ قانونا إلى الطرفين.
و تطبيقا لمقتضيات ظهير 20 أكتوبر 2008 المنظم لمهنة المحاماة.
و بعد الاستماع إلى مستنتجات النيابة العامة و المداولة طبق القانون.
الوقائع
يستفاد من أوراق الملف و من المقرر المطعون فيه انه بتاريخ 29 دجنبر 2009 أحال السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة على نقيب الهيئة شكاية تحت عدد........مقدمة من طرف السيد................في مواجهة الأستاذ....................يعرض فيها أنه كلفه للنيابة عنه في القطعة الأرضية المسماة.................و أخرى تسمى...............و أرض................الكائنة جميعها بمدينة أصيلة مقابل 90.000 درهما بمعدل 30.000 درهما لكل قضية غير أنه لم ينجز أي إجراء كما لم يلتزم بإخباره بمآل الإجراءات المتخذة ملتمسا اتخاذ المتعين في الموضوع.
و حيث بعد توجيه نسخة من الشكاية للأستاذ.................و جوابه عليها قرر السيد النقيب بتاريخ 15 مارس 2010 متابعته من أجل الإخلال بواجب تتبع القضية المكلف بها و كذا الإخلال بمبادئ الكرامة و المروءة و الشرف طبقا للمادتين 3 و 43 من قانون المهنة.
و حيث بعد إحالة الملف على مجلس الهيئة و إجراء تحقيق حضوري مع المتابع و تكييف الوقائع وفقا لفصول المتابعة قرر استدعاء المتابع للمثول أمامه و هو منعقد بصفته مجلسا تأديبيا بتاريخ 26 ماي 2010 مثل خلالها المتابع فاعتبر المجلس القضية جاهزة للمناقشة.
و حيث أدرج الملف بعدة جلسات كان آخرها يوم 29 شتنبر 2010 حضرها المحامي المتابع و بعد تذكيره بفصول و وقائع المتابعة و تلاوة محضر التقرير الحضوري أجاب أنه فعلا كلف للدفاع عن الشاكي بخصوص ثلاث قطع أرضية و أنه أنجز المطلوب بالنسبة للقطعة الأرضية................فيما تعذر عليه سلوك أية مسطرة بالنسبة لباقي القطع لعدم أحقية الشاكي فيهما مضيفا أنه توصل بمبلغ 90.000 درهما فاحتفظ بمبلغ 30.000 درهما عن القضية الأولى و أودع باقي المبلغ 60.000 درهما بأمانة مال الهيئة لحساب الشاكي.
و حيث بعد الانتهاء من مناقشة الموضوع تم حجز الملف للمداولة لآخر الجلسة حيث أصدر مجلس الهيئة بتاريخ 29 شتنبر 2010 مقرره في الملف التأديبي عدد............بعدم مؤاخذة الأستاذ...............بعلة " و حيث ان امتناع المحامي المتابع عن سلوك أية مسطرة قضائية بالنسبة للقطعتين............و .................... لعدم اقتناعه بجدواها يدخل ضمن صميم صلاحياته و لا يمس في شيء بمبادئ الممارسة المهنية بل على العكس تدل على احترامه لقدسية هذه الممارسة.
و حيث إن إرجاع المتابع لمبلغ الشيك عن القطعتين المذكورتين يجعله في حل عن أية مساءلة تأديبية.
و حيث لما تقدم تكون أركان المتابعة غير قائمة و يتعين التصريح بعدم مؤاخذة الأستاذ.................طعن فيه السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بطنجة بتاريخ 24 نونبر 2010 بعلة أن المحامي المشتكى به لم يدل بما يفيد اشعار موكله بكونه تعذر عليه سلوك أية مسطرة قضائية بخصوص القطعتين موضوع الشكاية, رغم استيفائه منه الأتعاب المتعلقة بهما, كما لم يخبره بما قام به من اجراءات بخصوص القطعة التي أفاد بأنه انجز المطلوب بشأنها, و لم يبين ضمن جوابه ماهية ما أنجزه بهذا الخصوص كالادلاء بمراجع القضية ان كان قد باشر اجراءات الدعوى بشانها, و الحال أنه ملزم في اطار علاقته بموكله المبينة على الشقة ابلاغه بما باشره بخصوص ما كلفه به و احتفاظه رغم ذلك بمبلغ الأتعاب قائما و ثابتا, و أنه بذلك يكون المحامي المتابع قد ارتكب المخالفات المهنية المنسوبة اليه, و يبقى بالتالي المقرر المطعون فيه مجانبا للصواب, ملتمسا إلغائه و تصديا القول بمؤاخذة الأستاذ................المحامي بهيئة طنجة من أجل المخالفات المنسوبة إليه و معاقبته بعقوبة تتناسب و خطورة هذه المخالفات.
و بعد تخلف المطلوب في الطعن الأستاذ...............عن الجواب رغم التوصل, و تمام الإجراءات المسطرية قررت المحكمة بجلسة 12 يناير 2011 اعتبار القضية جاهزة و حجزتها للمداولة قصد النطق بالقرار بجلسة 26 يناير 2011.
و بعد الاطلاع على أوراق الملف.
و بعد المداولة طبقا للقانون
التعليل
أولا من حيث الشكل
حيث إن الطعن قدم مستوفيا لكافة الشروط و الشكليات المتطلبة قانونا, مما يتعين معه التصريح بقبوله.
ثانيا من حيث الموضوع
بناء على أسباب الطعن المفصلة أعلاه.
و حيث انه بمراجعة أوراق الملف يتبين عدم توفر أركان المتابعة المتخذة في حق الأستاذ....................ذلك أن عدم قيام هذا الأخير بأية مسطرة قضائية بشأن القطعتين الأرضيتين ...................... و .................لعدم اقتناعه بجدواها هو عمل يدخل ضمن صميم صلاحياته كمحامي, و لا يشكل بالمقابل مساسا بمبادئ المهنة, و من ثم يكون المقرر المطعون فيه عندما انتهى إلى عدم متابعته بناء على ما ذكر يكون قد صادف الصواب, مما يتوجب معه التأييد.
و حيث انه يتعين تحميل الخزينة العامة الصائر.
لهذه الأسباب
إن محكمة الاستئناف و هي تقضي علنيا بغرفة المشورة حضوريا و انتهائيا.
في الشكل بقبول الطعن.
في الموضوع بتأييد المقرر المطعون فيه و تحميل الخزينة العامة الصائر.
بهذا صدر القرار في اليوم و الشهر و السنة أعلاه بالقاعة العادية للجلسات بمقر محكمة الاستئناف بطنجة دون أن تتغير الهيئة الحاكمة أثناء الجلسات.
الرئيس                       المستشار المقرر                             كاتب الضبط

ثانيا التعليق
لكل إنسان كيفما كان نوعه ذاتيا أو معنويا حقوقا وحريات فردية يخولها له قانون الدولة التي ينتمي إليها بحكم رابطة الجنسية. و من أجل حمايتها و صيانتها من شتى أشكال الاعتداء, يجوز له اللجوء إلى السلطة القضائية التي اختارت سائر بلدان المعمور و من ضمنها المغرب أن تجعلها إحدى المؤسسات القائمة بالسهر على هذا الدور.
لكن, من الناحية الواقعية و العملية, قد لا يكون الشخص في مقدوره حماية حقوقه و حرياته بنفسه نظرا لجهله بالكيفية المثلى التي توصله إلى هذه الغاية, لذلك فهو يحتاج دائما إلى المساعدة و المواكبة. و وعيا بتلك العوامل الثقافية و الاجتماعية التي قد تعرقل استفادة المواطن من حقه الأساسي في الولوج إلى مرفق العدالة, فإن المشرع المغربي على غرار القوانين المقارنة, أنشأ آلية مهنية خاصة تعنى بشؤون الدفاع عن حقوق الناس و نصرة المظلوم تسمى اصطلاحا " المحاماة".
و من هنا, تولد علاقة تعاقدية بين المحامي و المرء الذي يرغب في الحفاظ على حقوقه مرتكزة على أسس تم تأطيرها بموجب نص تشريعي محدد و هو المتمثل في القانون رقم 28-08 المنظم لمهنة المحاماة.
و أثناء تنفيذ هذه الرابطة التعاقدية, عادة ما تنجم بعض التصدعات التي قد تحدث شرخا بين طرفيها بسبب إخلال أحدهما بالتزاماته المتفق عليها مسبقا أو المنصوص عليها قانونا, مما يؤثر على استمرار مبدأ الثقة و الأمانة التي من المفترض أن تكون متبادلة. و من جملة الآثار القانونية التي تترتب عن ذلك, مسطرة العقوبات التأديبية الموجهة ضد المحامي المتابع من لدن زبونه, الممارسة أولا أمام مجلس الهيئة المقيد في جدولها قبل أن تتولاها من بعده غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف التي يكون أمامها إما تأييد مقرره و إما إلغائه.
و كم هي كثيرة النماذج التي يمكن سردها, بحيث يكفي الإطلالة على العمل القضائي المنشور و غير المنشور لمعرفة مدى الجهد الجبار الذي يضطلع به السادة قضاة الموضوع على مستوى قضايا التأديب المتعلقة بمهنة المحاماة. فتارة يلاحظ مصادفتهم للصواب و تارة أخرى مجانبتهم له.
و من بين الاجتهادات التي وقعت عليه أعيننا قرار محكمة الاستئناف بطنجة رقم 8 الصادر عن غرفة المشورة بتاريخ 26 يناير 2011, ملف عدد 357-1124-2010, الذي انتهك مقتضيات القانون رقم 28-08 (المبحث الأول) و مقتضيات قانون الالتزامات و العقود (المبحث الثاني).
المبحث الأول: انتهاك القرار الاستئنافي لمقتضيات القانون رقم 28-08
لا شك أن المحامي لم يلتزم بالعديد من المقتضيات التشريعية الآمرة التي تحكم علاقته بالزبون, و هو ما يعبر عن سوء في أداء المهام المسندة إليه انعكس سلبا على حقوق الأخير.
المطلب الأول اللامبالاة بأحكام المادة 30 من قانون مهنة المحاماة
من ناحية أولى, لا نلامس من وحي الوقائع التي سردها القرار امتثال المحامي للمادة 30 من القانون رقم 28-08 التي تنص على أنه: " يمارس المحامي مهامه بمجموع تراب المملكة, مع مراعاة الاستثناء المنصوص عليه في المادة 23 أعلاه من غير الإدلاء بوكالة.
تشمل هذه المهام:
- الترافع نيابة عن الأطراف ومؤازرتهم والدفاع عنهم وتمثيلهم أمام محاكم المملكة، و المؤسسات القضائية، و التأديبية لإدارات الدولة والجماعات والمؤسسات العمومية، والهيئات المهنية، و ممارسة جميع أنواع الطعون في مواجهة كل ما يصدر عن هذه الجهات في أي دعوى، أو مسطرة، من أوامر أو أحكام أو قرارات، مع مراعاة المقتضيات الخاصة بالترافع أمام محكمة النقض ؛
-  تمثيل الغير ومؤازرته أمام جميع الإدارات العمومية ؛
- تقديم كل عرض أو قبوله، وإعلان كل إقرار أو رضى، أو رفع اليد عن كل حجز، والقيام، بصفة عامة، بكل الأعمال لفائدة موكله، ولو كانت اعترافا بحق أو تنازلا عنه، ما لم يتعلق الأمر بإنكار خط يد، أو طلب يمين أو قلبها، فإنه لا يصح إلا بمقتضى وكالة مكتوبة ؛
- القيام في كتابات الضبط، ومختلف مكاتب المحاكم، وغيرها من جميع الجهات المعنية، بكل مسطرة غير قضائية، والحصول منها على كل البيانات والوثائق، ومباشرة كل إجراء أمامها، إثر صدور أي حكم أو أمر أو قرار، أو إبرام صلح، وإعطاء وصل بكل ما يتم قبضه ؛
- إعداد الدراسات والأبحاث وتقديم الاستشارات، وإعطاء فتاوى والإرشادات في الميدان القانوني ؛
- تحرير العقود، غير أنه يمنع على المحامي الذي حرر العقد، أن يمثل أحد طرفيه في حالة حدوث نزاع بينهما بسبب هذا العقد ؛
- تمثيل الأطراف بتوكيل خاص في العقود....".
و بقراءة سطحية للمادة أعلاه, يتبين أن المشرع المغربي حدد الدور الأساسي الذي ينبغي على المحامي القيام به. و إذا أردنا تنزيل هذا المقتضى القانوني على ضوء النازلة, فالمحامي لم يتقيد إلا جزئيا بالاتفاق المبرم بينه و بين موكله, مكتفيا بالدفاع عنه في ملف القطعة الأرضية الأولى التي ادعى إنجازه للمطلوب منه بشأنها دون أن يعمل على نفس الشيء بخصوص القطعتين المتبقيتين. و بصنيعه, يكون قد تخلى عن مهامه طواعية مع العلم أن الرسالة النبيلة المنوطة به تتطلب عكس ذلك بالمرة, لأن الألفاظ المستعملة في نص المادة 30 المذكورة من قبيل " التمثيل" و " الدفاع " الترافع نيابة " تدل على ضرورة المبادرة عن طريق تحريك الملف في البداية سواء بإعمال المساطر غير القضائية أو المساطر القضائية.
إن تهاون و تقاعس المحامي في القيام باللازم في ما يرتبط بما تبقى من الملفات يشكل صفعة قوية و ضربة موجعة لحقوق الموكل لما في سلوكه من تناقض مع قيم و أعراف المهنة التي تستدعي التضحية.
وجدير بالإشارة إلى أن المادة 12 من مبادئ الأمم المتحدة للمحاماة المعتمدة سنة 1990 أكدت على هذا المعنى بالقول " يحافظ المحامون في جميع الأحوال على شرف و كرامة مهنتهم باعتبارهم عاملين أساسيين في مجال إقامة العدل ".
كما أضافت المادة 14 من ذات الوثيقة ما يلي: " يسعى المحامون لدى حماية حقوق موكليهم و إعلان شأن العدالة إلى التمسك بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية التي يقرها القانون الوطني و القانون الدولي, و تكون تصرفاتهم في جميع الأحوال حرة متيقظة مماشية للقانون و للمعايير المعترف بها و أخلاقيات مهنة القانون ".
حسب رأي البعض[1], " المحاماة مهنة قيم, فالمحامي عندما يكون مزاولا لعمله يضع جهده و ما أوتي من ملكات فكرية في خدمة مصالح موكله, لذلك فالمحاماة مهنة تضحية و نكران ذات بامتياز. و في بعض الأحيان تبلغ درجة التضحية لدى المحامي نصرة لفكرة الحق بدون مقابل ليس لواجب المساعدة القضائية فحسب بل لمجرد رغبة غريزية دفينة في بني البشر في إسعاف المظلوم و رد الحق لأصحابه ".
فيا ترى, كيف لم يقف كل من مجلس هيئة المحامين و محكمة الاستئناف على هذا الخرق السافر مع العلم أن المحامي المتابع كان مقصرا جدا في الترافع عن موكله و تمثيله و القيام لفائدته بالمساطر القضائية (أمام كتابة ضبط المحكمة) و غير القضائية ( كتقديم العروض و إبرام الصلح...)؟
المطلب الثاني: اللامبالاة بأحكام المادة 43 من قانون مهنة المحاماة
من ناحية ثانية, حتى و إن شئنا مسايرة المحامي في قناعته بعدم جدوى إجراء أية مسطرة قضائية بخصوص القطعتين المتبقيتين, فان عمله يقتضي منه وجوبا و كحد أدنى بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 43 من القانون رقم 28-08 " حث موكله، على فض النزاع، عن طريق الصلح، أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى، قبل اللجوء إلى القضاء ".
و هكذا,فاقتناع المحامي بعدم جدوى إجراء المسطرة القضائية لا يعفيه تماما من المسؤولية المهنية لأن المشرع ألقى على عاتقه واجب حث الموكل على اللجوء إلى مسطرة الوسائل البديلة لفض المنازعات (كالتحكيم, الوساطة, الصلح) الذي يدخل في نطاق النصح و الإرشاد. و نظرا لخلو وقائع النازلة مما يفيد قيامه بهاته المسطرة غير القضائية, فإن عدم سعيه إلى بذل قصارى جهده نحو اقتراح الحلول التوافقية يوحي بثبوت مسؤوليته كاملة عما آل إليه الوضع بسبب خطأه الفادح.
و طبقا للمادة 43 من القانون رقم 28-08, قضى المشرع المغربي على المحامي بأن " يقوم بجميع الوسائل الممكنة بإخبار موكله بمراحل سير الدعوى، و ما يتم فيها من إجراءات، إلى غاية التبليغ والتنفيذ.
يخطر موكله حالا، بما يصدر فيها من أحكام ".
بهذا الصدد, نتساءل هل قام المحامي فعلا بجميع الوسائل الممكنة بإخبار موكله بمراحل سير ملف القطعة العقارية الأولى، و ما تم فيها من إجراءات ؟
من خلال وقائع النازلة و مجرياتها أمام مجلس الهيئة و محكمة الاستئناف, نجد أن المحامي صرح بأقوال تفيد اعترافه بإنجاز المطلوب في شأن الملف الأول. لكن في الحقيقة, لا يمكن الاعتماد على عنصر التصريح لوحده, لأنه يبقى مفتقدا لدليل يثبت التزامه بإخبار الموكل بمصير القضية سواء بطريقة كتابية أو شفوية.
فالموكل في غالب الأحيان, لا يعلم تفاصيل الملف و تعقيداته المسطرية لذلك ارتأى المشرع أن يجعل مثل هذه المهام على عاتق المحامي الذي يكون مطلعا عليها بشكل محترف, بحيث يتعين عليه وضع الزبون في الصورة حتى يفهم مسار دعواه, و ذلك ما يستشف من قرار محكمة النقض رقم 241 الصادر بتاريخ 26 أبريل 2012, ملف عدد 1267-4-2-2011, الذي حمل المسؤولية للمحامي لعدم قيامه بواجب الإخبار, بحيث قضى بما يلي: " لكن حيث انه بمقتضى الفقرتين الثانية و الرابعة من المادة 43 من قانون المحاماة فان المحامي يقوم بجميع الوسائل الممكنة بإخبار موكله بمراحل سير الدعوى, و ما تم فيها من إجراءات....و يقدم لموكله النصح و الإرشاد, فيما يتعلق بطرق الطعن الممكنة, مع لفت نظره إلى آجالها....و مقتضى الفقرتين المذكورتين أن المحامي يجب أن يكون مطلعا على دعوى موكله و الإجراءات التي تمت فيها حتى يتأتى له إخبار موكله بذلك, كما أنه في إطار واجب النصح و الإرشاد يجب أن يطلع موكله على طرق الطعن الممكنة في الأحكام بعد صدورها, مما يستوجب بالضرورة أن يبين للموكل شروط قبول الطعون المذكورة و في حالة استعمال إحداها فالمفروض أن يتحقق من قيامه بما هو واجب لقبولها ".
المطلب الثالث: اللامبالاة بالمادة 47 من قانون مهنة المحاماة
إننا لا نفهم الموقف الذي سلكته المحكمة في قرارها الاستئنافي أيضا باللامبالاة في تقييم سلوك و تصرف المحامي وفقا للمادة 47 من القانون المنظم للمهنة[2] التي تنص على ما يلي " يتعين على المحامي أن يتتبع القضية المكلف بها إلى نهايتها أمام الجهة المعروضة عليها.
لا يحق للمحامي سحب نيابته، إذا ارتأى عدم متابعة القضية، إلا بعد إشعار موكله بوقت كاف، يتأتى له معه ضمان إعداد دفاعه، و ذلك بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالاستلام توجه لآخر محل معروف للمخابرة مع الموكل، أو بسائر وسائل التبليغ الأخرى.
يوجه المحامي إشعارا بذلك إلى محامي الخصم، وإلى المحكمة المرفوع إليها النزاع، أو إلى الجهة الإدارية المعروض عليها النزاع".
فبالرجوع إلى المادة المذكورة, نجد أنها ألزمت المحامي الذي يدافع عن موكله بمواصلة دوره إلى غاية استنفاذ القضية المكلف بها لكافة مراحلها. و إذا تم التأمل في وقائع النازلة التي ناقشتها محكمة الاستئناف فإن المرء يقف على أمرين:
-الأمر الأول أن المحامي على حد ادعائه و أقواله أنجز المطلوب منه في القطعة العقارية الأولى و من ثمة يمكن استنتاج احترامه ظاهريا للمادة 47 من القانون رقم 28 08 بالرغم من عدم تقديم أية حجة على ذلك.
-الأمر الثاني أن المحامي طبقا لتصريحاته خلال جلسة البحث المأمور به من لدن مجلس هيئة المحاماة الذي ينتسب إليه اقتنع بعدم جدوى إجراء أية مسطرة قضائية بالنسبة للقطعتين العقاريتين المتبقيتين و بالتالي تعذر عليه القيام باللازم حيالهما.
و سواء تقبلت محكمة الاستئناف العذر أو سبب عدم اقتناعه بعدم جدوى إجراء أية مسطرة قضائية (اللذين لم نتمكن من التعرف عليهما), فإنه بالمقابل لكي يتم تكييف الفعل المشتبه في ارتكابه بأن فيه مساس بشرف المهنة و مبادئها لا بد من الالتزام بإشعار الموكل بإحدى وسائل التبليغ القانونية.
و أمام غياب مناقشة العنصر من طرف المحكمة الاستئنافية, فان قرارها يكون فاقدا للتعليل السليم و عرضة للنقد و النقض و كان على السادة القضاة مقاربة العوامل و الأعذار التي جعلت المحامي يتخلى عن إجراء أية مسطرة بخصوص القطعتين العقاريتين حتى يتأكدوا من عدم وجود أي ضرر حاصل للموكل.
كما أن عجز المحامي عن إثبات إعلام موكله و إبلاغه باعتزامه سحب نيابته لرغبته في عدم متابعة ملف القطعتين العقاريتين كاف لتوقير قناعة لدى المحكمة بانتهاكه لحقوق الموكل و مخالفة قواعد و أعراف المهنة.
المطلب الرابع: اللامبالاة بالمادة 58 من قانون مهنة المحاماة
بالموازاة مع ذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 58 من القانون رقم 28-08 المتعلق بمهنة المحاماة على أن " للمحامي أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله".
يستفاد من أحكام المادة أعلاه, أن المشرع لم يقيد المحامي في عمله المهني بل ترك له حيزا كبيرا من الحرية في اختيار الطرق المثلى التي يعتقد أنها كفيلة في حالة نهجها بالدفاع عن مصالح موكله بشكل أفضل.
و بمقارنة هذا المقتضى القانوني مع وقائع النازلة في مجمل أطوارها على مستوى مجلس الهيئة أو على مستوى محكمة الاستئناف, فقد أقر المحامي المتابع باقتناعه بعدم جدوى القيام بأية مسطرة قضائية لفائدة الموكل. و يعتبر تصرفه مخالفا لقانون المهنة و أعرافها, فالمادة 58 تصدت لطبقة معينة من المحامين المتهاونين في أداء دورهم تجاه زبائنهم حتى لا يتملصون تماما من القيام بواجبهم و ذلك بفرض سلوك طريقة  واحدة كحد أدنى في سبيل الدفاع عن حقوق الشخص الذي ينوب عنه و يمثله و ليس ألا ينجز أي إجراء إطلاقا في الملف الذي بين يديه و كأن المغزى الذي يقصده المشرع و يرمي إليه هو عدم الاكتراث بتلكؤ المحامين و دحض تبريراتهم الواهية و أعذارهم التي تكون في معظم الأحيان غير منطقية.
و في هذا الإطار, لا يسعنا إلا التصفيق بحرارة لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة التي واجهت في قرارها الصادر بتاريخ 20 نونبر 2013 أحد المحامين بمسؤوليته حينما تبين لها أنه لم يقم بسلوك الطريقة الناجعة لفائدة موكله في الوقت المناسب, بحيث عللت موقفها بالحيثيات الآتية: " و حيث انه إذا كان التزام المحامي هو التزام بالوسيلة وليس التزاما بالنتيجة ، فإن المحامي ملزم ـ مقابل ذلك ـ بسلوك الطريقة الناجعة في الدفاع عن موكله طبقا للمادة 58 من قانون المهنة ، وهذه النجاعة تقتضي أن يبادر المحامي بسلوك المساطر القانونية في إبانها حفاظا على مصالح موكله. وهو ما تؤكده المادة 27 من القانون الداخلي لهيئة المحامين بالقنيطرة والتي تقضي انه يجب على المحامي أن يقوم بتحرير ووضع المقالات والمستنتجات الواجبة لدفاع عن مصالح موكليه في الوقت المناسب .
و حيث إن تقاعس المطعون ضده عن تقديم بيان أوجه الاستئناف في إبانه يعد تقصيرا منه في سلوك المساطر القانونية يستوجب المساءلة لمخالفة أعراف المهنة وتقاليدها، الشيء الذي يتعين معه إلغاء مقرر الحفظ الضمني المتخذ من طرف السيد النقيب بخصوص هذه القضية " .
المبحث الثاني: تجاوز القرار الاستئنافي لمقتضيات قانون الالتزامات و العقود
تسري على العلاقة التي تربط المحامي و الزبون الذي يمثله أو ينوب عنه أحكام نظرية الوكالة المنظمة بموجب قانون الالتزامات و العقود و يستفاد دلك من المقتضيات التشريعية الواردة في القانون رقم 28/08 المتعلق بمهنة المحاماة التي تستخدم للدلالة على شخص الزبون عبارة الموكل و يقابلها الوكيل الذي يستمد عمله من التوكيل المعطى له.
و الوكالة كما عرفها الفصل 879 من قانون الالتزامات و العقود هي" عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه، ويسوغ إعطاء الوَكالة أيضا لمصلحة الموكل والوكيل، أو لمصلحة الموكل والغير، بل ولمصلحة الغير وحده ".
إن ما يميز العلاقة الناشئة بين المحامي و الزبون على ضوء النازلة أنهما اتفقا معا على أن يتولى الأول الدفاع عنه بشأن القطع الأرضية التي يبلغ عددها ثلاثة أمام القضاء في مقابل أن يؤدي له الآخر قسطا من المال يغطي المجهودات و المصروفات التي تحملها[3].
و عليه ينحصر عمل المحامي بناء على الصلاحيات المسندة إليه من طرف الزبون في تفعيل عقد الوكالة الخاصة التي أطرها قانون الالتزامات و العقود في الفصل 891 باعتبارها " هي التي تعطى من أجل إجراء قضية أو عدة قضايا أو التي لا تمنح الوكيل إلا صلاحيات خاصة.
وهي لا تمنح الوكيل صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى القضايا أو التصرفات التي تعينها وكذلك توابعها الضرورية وفقا لما تقتضيه طبيعتها أو العرف المحلي ".
فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: إلى أي حد تم تفعيل الوكالة الخاصة الممنوحة للمحامي طبقا لمقتضيات قانون الالتزامات و العقود ؟
يتمحور تحليل النازلة حول فكرة أساسية تتجلى في عدم قدرة محكمة الاستئناف على توضيح النقاط التي اعتمدتها لتبرئة المحامي من الأفعال المتهم بارتكابها في حق زبونه بمناسبة تنفيد عقد الوكالة لا سيما فيما يتعلق بالإذن بالتقاضي الذي أشار الفصل 892 من قانون الالتزامات و العقود الى أنه " وكالة خاصة. وهي تخضع لمقتضى أحكام هذا القانون وهي لا تخول صلاحية العمل إلا بالنسبة إلى الأعمال التي تعينها، وعلى الأخص فهي لا تعطي الصلاحية في قبض الدين أو إجراء الإقرار أو الاعتراف بالدين أو إجراء الصلح، ما لم يصرح بمنحها للوكيل ".
المطلب الأول: التغاظي عن الفصل 895 من قانون الالتزامات و العقود
لقد انصب الاتفاق الذي أجراه الطرفان على أن يسدي المحامي خدماته بخصوص ثلاثة قطع أرضية بكيفية مستقلة أي كل قطعة أرضية يتقاضى عنها 30000 درهما .مبدئيا نستطيع القول بأن المحامي لم يفلح في مهمته كاملة, إذ طبق عقد الوكالة جزئيا بإجرائه اللازم على حد تصريحه في القضية الأولى بينما لم ينفد أي شيء بالنسبة للملفين الآخرين مع أن الفصل 895 من قانون الالتزامات و العقود نص على ما يلي" على الوكيل أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها. فلا يسوغ أن يجري أي عمل يتجاوز أو يخرج عن حدود الوَكالة ".
و المهمة التي تم تكليف المحامي بها تشمل الملفات الثلاثة, و متى تأكد عد تنفيذها وفق تعليمات الزبون, تترتب مسؤوليته المزدوجة المهنية و العقدية.
المطلب الثاني: التغاظي عن الفصلين 903 و 904 من قانون الالتزامات و العقود
إذا فرضنا صحة ادعاء المحامي الذي تعذر عليه القيام بالمطلوب في شان ما تبقى من الملفات المتفق عليها أو اقتنع بعدم جدوى المساطر القضائية فان دلك يجب ان ينطوي على خطر محدق بعمله و المحكمة الاستئنافية لم تركز قضائها على طبيعة العذر أو السبب الكامن وراء عدم تحريكه للقضايا التي عهدت إليه و لم تعمق البحث حول مدى خطورة هذا العذر أو السبب  و تأثيره على حقوق الموكل مما تكون متجاوزة للفصلين 903 و 904 على التوالي من قانون الالتزامات و العقود.
فالفصل 903 نص على أنه " على الوكيل أن يبذل، في أدائه المهمة التي كلف بها، عناية الرجل المتبصر حي الضمير. و هو مسؤول عن الضرر الذي يلحق الموكل نتيجة انتفاء هذه العناية كما إذا لم ينفذ اختيارا مقتضى الوَكالة أو التعليمات التي تلقاها، أو إذا لم يتخذ ما يقتضيه العرف في المعاملات.
و إذا توفرت للوكيل أسباب خطيرة تدفعه إلى مخالفة التعليمات التي تلقاها أو إلى مخالفة ما جرى عليه العرف، وجب عليه أن يبادر بإخطار الموكل بها في أقرب فرصة، وعليه أن ينتظر تعليماته، ما لم يكن في الانتظار خطر ".
و يضيف الفصل 904 ما يلي " الالتزامات المذكورة في الفصل السابق يجب أن تراعى على شكل أكثر صرامة:
أولا - عندما تكون الوَكالة بأجر؛
ثانيا - عندما تباشر الوَكالة في مصلحة قاصر أو ناقص أهلية أو شخص معنوي ".
من حيث واجب إخبار المحامي لموكله فهو عنصر منتف كليا حسب ما يظهر من وقائع النازلة. فنفس الشيء الذي تطرقنا إليه سلفا بالنسبة للمادتين 43 و 47 من القانون رقم 28/08 ينطبق على وكالة التقاضي في إطار قانون الالتزامات و العقود.
المطلب الثالث: التغاظي عن الفصل 906 من قانون الالتزامات و العقود
باختصار, نرى أن محكمة الاستئناف و معها المحامي و مجلس الهيئة تهاونوا في اعمال نظرية الوكالة و تنزيلها, ذلك أن الفصل 906 من قانون الالتزامات و العقود لم يتم الاستناد عليه في تعليل المحكمة فهو يحيل إلى أنه: " على الوكيل أن يعلم الموكل بكل الظروف التي قد يكون من شأنها أن تحمله على إلغاء الوَكالة أو تعديلها ".
فالمحامي لما كان متوفرا على عذر أو اقتناع أثناه عن متابعة القضيتين المتبقيتين لم يعمل على إحاطة موكله بتلك الظروف وفقا لهدا الفصل المتطابق مع المادة 47 من القانون رقم 28/08 المومأ إليه أعلاه.
المطلب الرابع: التغاظي عن الفصلين 907 و 908 من قانون الالتزامات و العقود
إن ادعاءات المحامي تبقى عارية من الصحة ما لم تكن مقرونة بما يفيد تزويد الزبون الموكل بجرد تفصيلي و مضبوط يتضمن شتى الإجراءات المسطرية المتبعة من طرفه مرفوقا بالطريقة أو الطرق التي سلكها بخصوص القطعة العقارية الأولى, الشيء الذي لم تنتبه إليه الهيئة الحاكمة, ذلك أن هذا الفعل يستحق عقوبة تأديبية لتعارضه مع مقتضيات الفصلين 907 و 908 من قانون الالتزامات و العقود.
الفقرة الأولى بخصوص الفصل 907 ق.ل.ع
إن عدم التزام المحامي بواجبه المهني الذي يدور حول اخطار الموكل بجميع العمليات المقامة لصالحه و لحسابه يضرب في الصميم مبدأ الثقة و الامانة المعتبر بمثابة حجر الزاوية في العلاقة التعاقدية المبرمة بينهما, و المحكمة هي الملامة لأنها لم تأخذ على عاتقها عناء مطالبة الاخير بالمستندات التي تزكي أقواله و تصريحاته المدلى بها.
ففي الحالة المعاكسة, يكون أمامها خيار وحيد أي النطق بمخالفته للفصل 907 من قانون الالتزامات و العقود الذي جاء فيه أنه: " على الوكيل، بمجرد إنهاء مهمته، أن يبادر بإخطار الموكل بها، مع إضافة كل التفاصيل اللازمة التي تمكن هذا الأخير من أن يتبين على نحو مضبوط الطريقة التي أنجز بها الوكيل تلك المهمة.
و إذا تسلم الموكل الإخطار، ثم تأخر في الرد أكثر مما تقتضيه طبيعة القضية أو العرف، اعتبر أنه أقر ما فعله الوكيل، ولو كان هذا قد تجاوز حدود وكالته ".
الفقرة الثانية بخصوص الفصل 908 ق.ل.ع
لعل فراغ ملف النازلة من الحساب الذي ينبغي إرفاقه بالإجراءات المتبعة من طرف المحامي يؤشر أيضا على التنصل مما يقضي به الفصل 908 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على ما يلي " على الوكيل أن يقدم لموكله حسابا عن أداء مهمته، و أن يقدم له حسابا تفصيليا عن كل ما أنفقه وما قبضه، مؤيدا بالأدلة التي يقتضيها العرف أو طبيعة التعامل وأن يؤدي له كل ما تسلمه نتيجة الوَكالة أو بمناسبتها ".
و قد أهدرت المحكمة بنفسها فرصة سانحة للاطلاع على الحسابات الممسوكة من لدن المحامي لمراقبة مدى احترامه لمهامه المهنية تجاه الموكل لتفعيل الفصل 908 آنف الذكر بالرجوع الى الدفتر اليومي الذي تدون فيه العمليات المنجزة في كل ملف يخص الموكلين إضافة إلى المداخيل و المصروفات و الودائع عملا بالمادة 55 من القانون رقم 28-08 التي ذهبت إلى أنه: " يجب على المحامي أن يقيد ويضبط حسابات النقود والسندات والقيم التي يتسلمها، والعمليات المنجزة عليها في دفتر الحسابات اليومية المعد من لدن مجلس الهيئة، أو الذي وافق على نموذجه، والمؤشر عليه من لدن النقيب.
يجب عليه أيضا أن يمسك حسابا خاصا بملف كل موكل.
يتضمن الدفتر اليومي، جميع العمليات الحسابية من مداخيل و مصاريف للمكتب، وودائع حسب تسلسلها دون بياض، أو تشطيب، أو زيادة بالطرة يبين فيه، بصفة خاصة، موضوع كل عملية بإيجاز ووضوح، ومبلغها، واسم الطرف الذي تمت في اسمه، وتاريخ وكيفية أدائها.
يجب على المحامي عند وقوع أي خطأ في التدوين أن يتدارك ذلك في الابان في صلب السجل.
يتضمن حساب ملف كل موكل جميع العمليات المتعلقة به ".
المطلب الخامس: التغاظي عن الفصلين 929 و 935 من قانون الالتزامات و العقود
إن المحامي باعتباره وكيلا دفع بانتهاء مهمته بالنسبة للقطعة العقارية الأولى بعد تنفيذه للمطلوب, و يبدو هذا الدفع صحيحا من الناحية الشكلية لكنه في الحقيقة يخالف الفصلين 929 و 935 من قانون الالتزامات و العقود.
فإذا كان الفصل 929 من قانون الالتزامات و العقود قد حدد بدقة الحالات التي تنقضي فيها الوكالة المبرمة بين المحامي و الزبون[4], فان الفصل 935 من ذات القانون جعل حصول التنازل عنها وسحبها كما هو الوضع في النازلة مسبوقا بالإخطار و هو أمر غير ثابت حسب الوقائع و حيثيات التعليل الواردة في القرار.
و في خضم إلغاء المحامي للوكالة بطريقة انفرادية و بدون سابق إنذار للموكل, تكون أركان مسؤوليته العقدية و المهنية محققة. و المحكمة الاستئنافية التي لم ترد على ملتمس النيابة العامة نظرا لتأثير ملاحظاتها و مستنتجاتها على مسار قضائها يصير تعليلها ناقصا و عرضة للنقض لا سيما أنها تحاشت التطبيق الصارم للفصل 935 الذي نص على أنه: " لا يحق للوكيل التنازل عن الوَكالة إلا إذا أخطر به الموكل. وهو مسؤول عن الضرر الذي يرتبه هذا التنازل للموكل، إذا لم يتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على مصالحه محافظة تامة إلى أن يتمكن من رعايتها بنفسه ".
إجمالا, و على ضوء وقائع النازلة التي كانت محط و موضوع التعليق, نعتبر ان الزبون أو الموكل الضحية المجني عليها في سائر الأطوار سواء على مستوى مجلس الهيئة الذي توصف أغلب مقرراته بالسد المنيع المحبط للشكايات المرفوعة ضد جسم المحاماة, و ذلك بتفضيله للمقولة التي مفادها " كم من أمور قضيناها بتركها ", عوض التفاني في تطبيق المادة 69 من قانون المهنة أو على مستوى محكمة الاستئناف المقبرة في قرارها للمقتضيات التشريعية المؤطرة للعقوبات التأديبية في المادتين 61 و 62 من القانون رقم 28-08, رافعة الراية البيضاء و معلنة استسلامها المدهش و سماحها بالخروقات المهنية و الأخلاقية المضرة بحقوق المتقاضي.

الهامش
[1] أحمد أشهبار مقتطف من كلمة توجيهية ألقاها بمناسبة استئناف ندوة التمرين بهيئة المحامين بطنجة المنظمة بتاريخ 13 مارس 2007 تحت عنوان دور المحامي في تحصين مهنة المحاماة, منشورة بمجلة الندوة, العدد 22, 2009, الصفحة 325.
[2] اقترحت جمعية المحامين بالمغرب في مسودتها المؤرخة في أكتوبر 2014 إجراء تعديل طفيف على هذه المادة لتصبح كالآتي المادة 50 " يتعين على المحامي أن يتتبع القضية إلى نهايتها في المرحلة التي كلف بها".
[3] إن نيابة المحامي و دفاعه عن موكله لا يكون مجانيا, مصداقا للفصل 888 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على أن: " الوَكالة بلا أجر، ما لم يتفق على غير ذلك، غير أن مجانية الوَكالة لا تفترض:
أولا - إذا كلف الوكيل بإجراء عمل داخل في حرفته أو مهنته؛
ثانيا - بين التجار فيما يتعلق بالمعاملات التجارية؛
ثالثا - إذا قضى العرف بإعطاء أجر عن القيام بالأعمال التي هي محل الوَكالة ".
[4] ينص الفصل 929 من قانون الالتزامات و العقود على ما يلي " تنتهي الوَكالة:
أولا - بتنفيذ العملية التي أعطيت من أجلها؛
ثانيا - بوقوع الشرط الفاسخ الذي علقت عليه، أو بفوات الأجل الذي منحت لغايته؛
ثالثا - بعزل الوكيل؛
رابعا - بتنازل الوكيل عن الوَكالة؛
خامسا - بموت الموكل أو الوكيل؛
سادسا - بحدوث تغيير في حالة الموكل أو الوكيل من شأنه أن يفقده أهلية مباشرة حقوقه، كما هي الحال في الحَجْر والإفلاس. وذلك ما لم ترد الوَكالة على أمور يمكن للوكيل تنفيذها، برغم حدوث هذا التغيير في الحالة؛
سابعا - باستحالة تنفيذ الوَكالة لسبب خارج عن إرادة المتعاقدين ".

عن الكاتب

justicemaroc

التعليقات

>

اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

تابعونا على الفيسبوك

موقع العدالة المغربية

موقع العدالة المغربية، موقع مغربي غايته نشر العلم والمعرفة القانونية بين الطلبة والباحثين في المجال القانوني، يمكنكم المساهمة معنا في إثراء الساحة القانونية عبر إرسال مساهماتكم إلى البريد الإلكتروني التالي: contact@marocjustice.com
موقع العدالة المغربية، رفيقك إلى النجاح في الدراسات القانونية

جميع الحقوق محفوظة

موقع العدالة المغربية